للقضاوة فترجع إليه الفتوى في جميع أقطار البلدان ولهذا قيل : إن المعتمد في زمن هارون الرشيد على فتاوي أبي يوسف تلميذ أبي حنيفة ، قالوا قد استقضاه الرشيد واعتنى به حتى لم يقلد في بلاد العراق والشام ومصر إلا من أشار إليه أبو يوسف.
وفي زمن المأمون على يحيى بن أكثم القاضي ، وفي زمن المعتصم على أحمد بن داود القاضي ، وهكذا ، وهذه الأربعة المشهورة الآن ليست في الزمن السابق إلا كغيرهم من المجتهدين الذين ليس لهم مزيد ذكر ، ولا مذهب منتشر ، والاجتماع على هؤلاء الأربعة إنما وقع في حدود سنة خمس وستين وستمائة باصطلاح خليفة ذلك الوقت واستمرت إلى الآن ، وحينئذ فكيف يمكن الترجيح بالتقية والحال هذه.
الثالث : القول بالتشريك ، والظاهر أن وجهه عند القائل به هو الجمع بين الأخبار ، وهي في رده وعدم قبوله كالشمس في دائرة النهار ، وهو أضعف الأقوال في المسألة لعدم الدليل الواضح عليه ، مع أن أخبار القولين المتقدمين صريحة في رده لتصريح الاولى منهما باستقلال الأب النافي للشركة واستقلال البكر ، وتصريح الثانية بحسب ظاهرها باستقلال البكر الموجب لعدم شركة الأب واستقلاله ، نعم فيه احتياط بالخروج عن مخالفة أخبار كل من الطرفين ، ولعله لهذا توهم القائل به أن فيه جمعا بين الأخبار ، وهو غلط محض ، فإن أحدهما غير الآخر.
وربما توهم الاستدلال عليه ببعض الأخبار مثل موثقة صفوان (١) قال : «استشار عبد الرحمن موسى بن جعفر عليهالسلام في تزويج ابنته لابن أخيه؟ فقال : افعل ويكون ذلك برضاها ، فإن لها في نفسها نصيبا ، قال : واستشار خالد بن داود موسى بن جعفر عليهالسلام في تزويج ابنته على بن جعفر عليهالسلام؟ فقال : افعل ويكون ذلك
__________________
(١) التهذيب ج ٧ ص ٣٧٩ ح ١٠ ، الوسائل ج ١٤ ص ٢١٤ ح ٢.