المسألة الثالثة : لا خلاف بين الأصحاب (رضياللهعنهم) في أن من جملة الأولياء المولى والحاكم ، وأما الوصي فالأظهر أنه كذلك ، فالكلام هنا يقع في مقامات ثلاثة :
الأول : المولى ، فأن له أن يزوج مملوكته صغيرة كانت أو كبيرة ، عاقلة أو مجنونة ، ولا خيار لها معه ، وكذا الحكم في العبد ، ولا يجوز ذلك بغير إذنه : ونقل على ذلك الإجماع غير واحد منهم.
والوجه في ذلك أن منافع المملوك مملوكة للمولى (١) «والناس مسلطون على أموالهم». فله نقله إلى من شاء ، ولا فرق في ذلك بين تولي المولى عن المملوك الصيغة أو إجباره بها ، ولا يقدح الإكراه هنا لأنه بحق.
ولو تحرر بعض العبد والأمة امتنع الإجبار لعدم ملكية البعض فلا يتسلط عليه المولى.
الثاني : الحاكم ، والمراد به أصالة الإمام العادل : ومع تعذره فالمأذون من جهته عموما أو خصوصا ، والفقيه الجامع للشرائط مع تعذرهما ، ونائبه في حكمه ، وثبت ولايته على من تجدد جنونه أو سفهه بعد البلوغ من غير إشكال عندهم ولا خلاف ، وتنتفي عن الصغير مطلقا عند الأصحاب ، وعللوه بأنه لا حاجة له إلى النكاح بخلاف البالغ الفاسد العقل ، والأصل عدم ثبوت ولايته فيه وتنظر في ذلك في المسالك ولم يبين وجه النظر ، وقال سبطه السيد السند في شرح النافع ـ بعد أن نقل عبارة المصنف الدالة على أنه ليس للحاكم ولاية إلا على من بلغ فاسد العقل ما لفظه ـ : وهذا التفصيل أعني اختصاص ولايته بمن بلغ فاسد العقل هو المعروف من مذهب الأصحاب ولم نقف لهم في هذا التفصيل على مستند ، والحق أنه إن اعتبرت الإطلاقات والعمومات المتضمنة لثبوت ولاية الحاكم وجب القول بثبوت ولايته في النكاح على الصغير والمجنون مطلقا كما في ولاية المال ، وإلا
__________________
(١) البحار ج ٢ ص ٢٧٢ ح ٧.