والتحقيق أن رواية الحولين غير ظاهرة في المخالفة ، لأن ما ذكره الشيخ والجماعة في تأويلها أقرب قريب ، فلم يبق إلا رواية السنة ، وهي لا تبلغ قوة في مقابلة جملة تلك الأخبار ، مع إمكان احتمال التقية (١) فيها وكذا في الروايتين الأخيرتين إن حملتا على ظاهرهما.
وقد عرفت في مقدمات الكتاب من الجلد الأول في الطهارة أن الحمل على التقية لا يتوقف على وجود القائل من العامة وإن كان خلاف ما هو المشهور بين الأصحاب والله العالم.
و (ثالثها) العدد ، وقد اختلف الأصحاب في أقل ما يحرم به من العدد ، فقيل؟ بعشر رضعات وهو المشهور بين المتقدمين كالشيخ المفيد وابن أبي عقيل وسلار وابن البراج وأبي الصباح وابن حمزة ، واختاره من المتأخرين العلامة في المختلف ، وولده فخر المحققين والشهيد في اللمعة.
وقيل : بخمسة عشرة وهو المشهور بين المتأخرين ، وإليه ذهب الشيخ في النهاية وكتابي الأخبار ، واضطرب كلام ابن إدريس فاختار أول هذين القولين أولا ثم اختار ثانيهما ثانيا ، فقال في أول كتاب النكاح : المحرم عشر رضعات متواليات في الصحيح في المذهب.
وذهب بعض أصحابنا إلى خمس عشرة رضعة معتمدا على خبر واحد رواه عمار بن موسى الساباطي وهو فطحي المذهب مخالف للحق مع أنا قد قدمنا
__________________
(١) أقول : وبالحمل على التقية في هذه الاخبار صرح المحدث الشيخ الحر في كتاب الوسائل فقال بعد نقل كلام الصدوق في المقنع : أقول : لعل الوجه في هذا الاختلاف التقية لاضطراب مذهب العامة هنا وكثرة اختلافهم. انتهى.
وكلامه هذا جرى على مقتضى كلام أصحابنا من تخصيص الحمل على التقية بوجود المخالف من العامة ، وأما على ما اخترناه فلا ، كما أوضحناه في المكان المشار إليه في الأصل. (منه ـ قدسسره ـ).