أن التحريم بالعشر هو المشهور عند المتقدمين ، وعدمه هو المشهور عند المتأخرين وبالجملة فإن كلامه (قدسسره) هنا واستدلاله بما ذكر غير متجه.
والتحقيق أن يقال : إن روايات العشر مضطربة ، لا تصلح التعلق بها في إثبات هذا الحكم ، حيث إن جملة منها صريح في نفي التحريم ، كصحيحة ابن رئاب (١) وموثقتي عبيد بن زرارة (٢) ، وعبد الله بن بكير (٣).
ومنها ما هو ظاهر في ذلك ، كرواية عبيد بن زرارة (٤) عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «سألته عن الرضاع أدنى ما يحرم منه» الحديث.
وقد تقدم في صدر الموضع الأول في الأثر ، فإن ظاهرها أنه عليهالسلام يقول : «لا» في جواب السؤال عن هذه المعدودات التي من جملتها العشر ، ونحوها موثقة زياد بن سوقة الآتية (٥) حيث قال في آخرها «ولو أن امرأة أرضعت غلاما أو جارية عشر رضعات من لبن فحل واحد وأرضعتها امرأة أخرى من لبن فحل آخر عشر رضعات لم يحرم نكاحها».
فإن الظاهر كما استظهره في الوافي أيضا أن لفظ «أو» في عطف الجارية على الغلام غلط ، وأن صوابه بالواو ، وكذا ضمير «أرضعتها» إنما هو ضمير التثنية ، وهكذا ضمير «نكاحها» إنما هو ضمير التثنية ، فإن ذلك هو الذي يستقيم به الكلام ، ويحصل به الانتظام ، أول وجملة منها متشابهة الدلالة مضطربة المقالة ، يشبه أن يكون قد تجللها غيم التقية ، ونزلت بها تلك البلية ، مثل صحيحة عبيد بن زرارة المتقدمة وقوله فيها بعد أن سأله عن الذي ينبت اللحم والدم ، «كان يقال : عشر رضعات» إلى آخرها وقد مر بيانه.
__________________
(١ و ٢ و ٣) التهذيب ج ٧ ص ٣١٣ ح ٦ و ٧ و ٨ ، الوسائل ج ١٤ ص ٢٨٣ ح ٢ و ٣ و ٤.
(٤) الكافي ج ٥ ص ٤٣٨ ح ٣ ، الوسائل ج ١٤ ص ٢٨٨ ذيل ح ٢١.
(٥) التهذيب ج ٧ ص ٣١٥ ح ١٢ ، الوسائل ج ١٤ ص ٢٨٢ ح ١.