تضمن تحريم الأولاد على أب المرتضع معللا بأنهم بمنزلة أولاده في التحريم لزم من ذلك أن يكونوا لأولاده كالاخوة ، فيحرم بعضهم على بعض ، لأن البنوة لصاحب اللبن والاخوة لأولاده متلازمان ، فيمتنع ثبوت إحداهما مع انتفاء الأخرى وقد ثبت البنوة بالنصوص السابقة ، فيثبت الاخوة فيلزم التحريم.
قلنا : نمنع الدلالة الالتزامية ، لأن من شرطها اللزوم الذهني البين بالمعنى الأخص وليس بثابت ، بل نمنع التلازم أصلا ، فإن ثبوت بنوة شخص الآخر يقتضي ثبوت الاخوة لأولاده ، لا ثبوت الاخوة لإخوة أولاده ، وذلك غير مقتض للتحريم بوجه من الوجوه. انتهى ، وهو جيد.
وبالجملة فإن القول المذكور ضعيف لا يلتفت إليه ، وعليل لا يعول عليه ، والتمسك بأصالة الحل أقوى مستمسك حتى يقوم الدليل الواضع على الخروج ، عنه ، والله العالم.
المسألة الرابعة : هل يحل للفحل النكاح في إخوة المرتضع بلبنه أم لا؟ والأشهر الأظهر الأول ، وبه صرح الشيخ في المبسوط فيما قدمناه من عبارته في المسألة الثانية ، وبالثاني صرح في الخلاف والنهاية ، وإليه ذهب ابن إدريس كما تقدم نقل ذلك أيضا ، وكلام من عداهما من الأصحاب متفق النظام متسق الانسجام على الجواز.
والعجب هنا من المحقق الشيخ علي (قدسسره) في الرسالة حيث قال ـ بعد نقله عن الشيخ التحريم وعن العلامة في التحرير والقواعد الجواز ـ ما هذا لفظه :
والظاهر عدم الفرق بين بنات الفحل بالنسبة إلى أب المرتضع وأخوات المرتضع بالنسبة إلى الفحل نظرا إلى العلة المذكورة في الحديثين السابقين ، فإن كانا حجة وجب التمسك بمقتضي العلة المنصوصة ، وإلا انتفى التحريم في المقامين ، وعلى كل فالاحتياط فيهما أولى وأحرى. انتهى.
أقول : فيه (أولا) أنه لا يخفى أن العلة المنصوصة في الروايتين المشار إليهما