الخامسة : أن الكبيرة مكرهة على الإرضاع ، بأن حملها عليه القادر على فعل ما توعدها به مع ظنها فعله واستلزامه ضررا لا يتحمل مثله عادة وإن لم يبلغ حد الإلجاء ، قال في المسالك : ولا ضمان هنا على المرضعة لأن الإكراه يسقط ضمان المال المحض ، وغاية البضع إلحاقه بالمال ، وأما ضمان الزوج للصغيرة فثابت على كل حال ، وحكى في التذكرة فيه عن الشافعية وجهان في أنه على المكرهة أو المخوف ولم يرجح شيئا ، والمصنف تردد في ضمان المرضعة في جميع الأقسام نظرا إلى تردده في أن البضع هل يضمن بالتفويت أم لا؟ وقد ظهر مما قررناه وجه تردده. انتهى.
أقول : لا يخفى أن هذه التفريعات في هذا المقام كغيره مما قدمناه في كثير من الكتب المتقدمة إنما جرى فيه أصحابنا على ما ذكره العامة سيما الشافعية فإنهم هم الذين يكثر النقل عنهم في التذكرة ، وقبله الشيخ في كتبه فيختارون من ذلك ما رجحوه بهذه التعليلات التي قد عرفت أنها لا يمكن الاعتماد عليها في تأسيس الأحكام الشرعية ، ونصوصنا خالية من ذلك بالكلية ، والعمل على الاحتياط في مثل هذا المقام فإنه هو المأمور به عنهم عليهمالسلام ، والله العالم.
إذا عرفت ذلك فاعلم أن هنا فروعا قد ذكرها الأصحاب مما يتفرع على القاعدة المذكورة في أول المقام ، ونحن نذكر جملة منها في مسائل.
الأولى : لو أرضعت الجدة من الام ابن بنتها بلبن جده حرمت البنت على زوجها ، بناء على ما تقدم في المسألة الأولى من المسائل الأربع المذكورة في سابق هذا المقام ، وهي أنه لا يجوز لأب المرتضع أن ينكح في أولاد صاحب اللبن ، وأنه كما كان مانعا من النكاح كذلك يكون مبطلا له بعد وقوعه ، فإن هذا الصبي لما ارتضع بلبن جده وجدته. وكذا لو ارتضع بلبن بعض أزواج جده ، فإنه يصير ولدا للجد والجدة ، ويصير ان أصحاب اللبن ، فلو نكح أبو المرتضع زوجته بعد هذا الرضاع لصدق أنه قد نكح في أولاد صاحب اللبن ، وقد عرفت أنه حرام