وأما الفرق الثالث ـ ففيه بعد الإغماض ، عن المناقشة فيما ادعاه ، من عدم جواز التكرار في الأجنبية ، والاقتصار على أول نظرة ، أن جواز التكرار هنا ، إنما وقع في كلامهم ، وأما الروايات فهي خالية منه ، وغاية ما تدل عليه ، جواز النظر بقول مطلق وهذه روايات المسألة كملا قد استوفينا ذكرها.
وأما الفرق الرابع ـ وهو أنه في الأجنبية مكروه فهو على إطلاقه ممنوع ، وسيأتيك تحقيق المسألة إن شاء الله تعالى في موضعها ، على ما يظهر لك منه حقيقة الحال ، وأما العلاوة التي ذكرها بكونه مستحبا فقد عرفت ما فيه.
وبالجملة فإنه لا مخرج من هذا الاشكال المذكور ، إلا على ما اخترناه من القول بجواز النظر مطلقا هنا ، وأما ما ذكروه من التخصيص في المقام فهو لازم لهم لزوم الطرق للحمام ، والله العالم.
الثالث : المشهور بين الأصحاب (رضياللهعنهم) بل صرح في المسالك بأنه موضع وفاق ، جواز النظر إلى الأمة ـ التي يريد شرائها ـ إلى وجهها ، وكفيها ، ومحاسنها ، وشعرها ، وإن لم يأذن له المولى صريحا ، قالوا : لأن عرضها للبيع قرينة للإذن في ذلك ، وإنما الخلاف فيما زاد على ذلك من باقي جسدها عدا العورة ، فقيل : بالجواز ، ونقل عن العلامة في التذكرة ، أنه قطع به مستندا إلى دعاء الحاجة إليه للتطلع إليها لئلا يكون بها عيب ، فيحتاج إلى الاطلاع عليه ، وقيده في الدروس بتحليل المولى ، ومعه يجوز إلى العورة أيضا.
والذي وقفت عليه من الأخبار المتعلقة بهذه المسألة ، ما رواه الصدوق في الفقيه والشيخ في التهذيب عن أبي بصير (١) قال : «سألت أبا عبد الله (عليهالسلام) عن الرجل يعترض الأمة ليشتريها ، قال : لا بأس بأن ينظر إلى محاسنها ، ويمسها ما لم ينظر إلى ما لا ينبغي النظر إليه».
__________________
(١) التهذيب ج ٧ ص ٧٥ ح ٣٥ ، الوسائل ج ١٣ ص ٤٨ ب ٢٠ ح ١.