كثيرا من الأخبار في كتابه المشار إليه إيرادا لا اعتقادا. انتهى.
أقول : لا يخفى أن كلامه وإن كان هو الأوفق بمقتضى القواعد العقلية ، إلا أن الأخبار على خلافه ، وعدم اهتدائه للوجه ـ فيما دلت عليه من الأحكام والعلة فيها ـ لا يدل على العدم.
وقال في المختلف ـ بعد نقل ملخص كلامه والجواب ـ : الأدلة غير منحصرة فيما ذكره ، وقل أن يوجد شيء منها في الفروع ، والأصل إنما يصار إليه مع عدم دليل يخرج عنه ، ولا امتناع في اقتضاء وطئ الثانية تحريم الأولى ، فإذا وجدت الروايات خالية من المعارض وجب الحكم به ، وما ذكره استحسان لا يجوز العمل به. انتهى ، وهو جيد.
أقول : ومن المحتمل قريبا أن يكون تحريم الرجوع إلى الاولى مع العلم وعدم التحريم مع الجهل إنما وقع عقوبة له كما يظهر من الأخبار الاتية ، وقوله عليهالسلام «لا ولا كرامة» ، وهذان القولان هما المشهوران في كلام الأصحاب ،
والواجب علينا أولا نقل ما وصل إلينا من الأخبار في المقام والكلام فيها بما يسر الله تعالى فهمه منها ببركة أهل الذكر (صلوات الله وسلامه عليهم).
فأقول : الأول : ما رواه في الكافي في الحسن أو الصحيح عن الحلبي (١) عن أبي عبد الله عليهالسلام في حديث قال : «وسئل عن رجل كان عنده اختان مملوكتان فوطأ إحداهما ثم وطأ الأخرى؟ قال : إذا وطأ الأخرى فقد حرمت عليه حتى تموت الأخرى قلت : أرأيت إن باعها أتحل له الأولى؟ قال : إن كان يبيعها لحاجة ولا يخطر على قلبه من الأخرى شيء فلا أرى بذلك بأسا ، وإن كان إنما يبيعها ليرجع إلى الاولى فلا ولا كرامة».
__________________
(١) الكافي ج ٥ ص ٤٣٢ ح ٧ ، التهذيب ج ٧ ص ٢٩٠ ح ٥٣ ، الفقيه ج ٣ ص ٢٨٤ ح ١ ، الوسائل ج ١٤ ص ٣٧٣ ح ٩.