نعم بقي كلام في أن أكثر الأخبار إنما صرح بتحريم الاولى بعد وطئ الثانية من غير تعرض لحكم الثانية ، بل ظاهرها اختصاص التحريم بالأولى إلى أن تموت الثانية أو يخرجها من ملكه لا بقصد العود للأولى.
وحينئذ فيشكل الجمع بينهما وبين الرواية الرابعة ، وذلك فإنه إن حملت تلك الروايات باعتبار دلالتها على اختصاص التحريم بالأولى على صورة الجهل ، فالمنافاة لتلك الروايات ظاهرة لتصريحها بعدم تحريم الاولى في صورة الجهل.
وإن حملناها على صورة العلم فالمنافاة أيضا موجودة ، فإن صريح الرواية المذكورة تحريمها معا ، وهذه الروايات كما عرفت ظاهرها اختصاص التحريم بالأولى خاصة ، فالمنافاة حاصلة على كل حال.
والتحقيق أن يقال : إنه لا شك في دلالة تلك الروايات على تحريم الاولى وأما بالنسبة إلى الثانية فغايتها أن تكون مطلقة ، إذ لا صراحة ولا ظهور في الاختصاص بالأولى دون الثانية ، وأن الثانية لا تحرم ، ومن الممكن بل هو الظاهر أن عدم التصريح بتحريم الثانية إنما هو من حيث معلومية تحريمها قبل وطؤها بمجرد وطئ الاولى لما عرفت من أنه بوطىء إحداهما تحرم عليه الأخرى اتفاقا نصا وفتوى ، فتحريمها لما كان معلوما لم يحتج إلى تنبيه عليه.
وأما الأولى فإنها محللة وإنما عرض لها التحريم بوطىء الثانية ، فلذلك احتيج إلى التنبيه إلى تحريمها ، فقد عرفت مما قدمناه وجوب تقييد إطلاق تلك الروايات ـ من حيث دلالتها بإطلاقها على تحريم الاولى سواء كان وطؤ الثانية عن علم أو جهل ـ بتلك الرواية الدالة على تخصيص تحريم الاولى بصورة العمد ، وحينئذ فتحريم الاولى في تلك الأخبار مخصوص بصورة العلم.
وقد تلخص من ذلك أنه متي وطأ الثانية عالما بتحريم ذلك عليه حرمتا معا ، أما الأولى فلما عرفت من دلالة الأخبار على ذلك بعد حمل مطلقها على مقيدها وأما الثانية فلثبوت التحريم لها قبل وطئها بعد وطئ الاولى ، فتكون باقية على