وأما السنة فأكثر من أن يأتي عليه قلم الإحصاء أو يدخله العد والاستقصاء والعرف العام والخاص من أقوى الدلائل التي لا يناضلها مناضل.
وأما حديث العانة فإن الحمل على الكراهة إنما وقع من حيث القرينة الدالة على ذلك ، وهي أولا ما دل على استحباب حلقها من الأخبار والإجماع وأن تركها مكروه.
وثانيا قوله في الخبر «مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ» فإنه يؤذن بأن ترك العانة المدة المذكورة مناف لكمال الايمان ، وهذا معنى الكراهة والقرينة موجودة في الخبر.
وأما قوله ـ وإذا قام الاحتمال بطل الاستدلال ـ فكلام شعري وإلزام جدلي ، وتخريج سوفسطائي لا يصح النظر إليه ولا التصريح في مقام التحقيق عليه ، وإلا لانسد بذلك باب الاستدلال واتسعت دائرة القيل والقال ، وانفتح باب الخصام والجدال ، إذ لا قول إلا ولقائل فيه مقال ، ولا دليل إلا وللمنازع فيه مجال فإن باب المجاز أوسع من أن ينتهي إلى حد أو يدخل أفراده الحصر والعد وإن تفاوتت قربا وبعدا وظهورا وخفاء ، وللزم بذلك انسداد باب إثبات الصانع والنبوة والإمامة ، وقامت الحجة لأصحاب الملل والمخالفين فيما يبدونه من التأويلات في الأدلة التي تقيمها الشيعة والبراهين ، بل الحق الحقيق بالقبول هو ما صرح به جملة من علماء الأصول من أن المدار في الاستدلال على النص والظاهر ، ولا يلتفت إلى الاحتمال في مقابلة شيء منها.
نعم ربما يصار إليه في مقام تعارض الأدلة وأرجحية المعارض فإنه يرتكب التأويل والاحتمال جمعا بين الأدلة وإن كان خلاف الظاهر كما هو مطرد بينهم.
وأما قوله ـ إن لفظ المشقة لا يستلزم الإيذاء ـ فهو كلام ناش عن عدم التأمل في المقام والتدبر لما ذكره العلماء الاعلام في هذا المقام فإنه لا يخفى أن المشقة لغة بمعنى الثقل والشدة والصعوبة فيقال أمر شاق : أي شديد ثقيل صعب.