ولم يصرح أحدهم بما دل عليه من هذا الحكم في محرمات النكاح من الكتب الفروعية كما صرحتم به ، بل أعرضوا عن التعرض له بالكلية ، ولو كان ذلك حقا لذكروه وفي مصنفاتهم سطروه.
لأنا نقول : هذا القائل إما أن يسلم ما ذكرناه من صحة الخبر وصراحته كما نقوله أم لا؟ وعلى الثاني يكون الكلام معه في إثبات الدليل وصحته وصراحته ، وهذا خارج عن موضع السؤال فلا وجه لهذا السؤال حينئذ ، وعلى الأول فإن كلامه هذا مردود بما صرح به غير واحد من العلماء المحققين ، منهم شيخنا الشهيد الثاني في المسالك في غير موضع من الكتاب المذكور من جواز مخالفة الفقيه لما يدعونه من الإجماع إذا قام الدليل على خلافه ، فكيف لو لم يكن ثمة إجماع ولا قائل بخلافه بالكلية ، فإنه قال في مسألة ما لو أوصى له بأبيه فقبل الوصية بعد الطعن في الإجماع : وبهذا يظهر جواز مخالفة الفقيه المتأخر لغيره إذا قام له الدليل على ما يقتضي خلافهم ، وقد اتفق ذلك لهم كثيرا ، ولكن زلة المتقدم متسامحة بين الناس دون المتأخرين. انتهى.
وقد قدمنا كلامه بطوله في كتاب الوصايا ، وحينئذ فإذا شاع مخالفتهم في المسائل الإجماعية مع أن الإجماع عندهم أحد الأدلة الشرعية متى قام الدليل على خلاف ذلك الإجماع ، فكيف لا يجوز القول بما لم يتعرضوا له نفيا ولا إثباتا إذا قام الدليل عليه ، ومجرد رؤيتهم الخبر وروايتهم الخبر وروايتهم له في كتب الأخبار مع عدم ذكرهم حكمه في الكتب الفروعية لا يصلح لأن يكون دليلا على رد ذلك الخبر ولا ضعفه ، مع عدم تصريحهم بالرد والتضعيف وبيان الوجه فيه ، فكم خبر رووه ولم يتعرضوا للتنبيه على حكمه في الكتب الفروعية ، وهل هذا الكلام إلا مجرد تمويه على ضعفة العقول ، ومن ليس له قدم ثابت في معقول ومنقول.
على أنه لا يشترط عندنا في الفتوى بحكم من الأحكام تقدم قائل به من