كتاب المدارك على ما وجدته بخطه صرح بعدم العفو عن نجاسة دم الغير وإن كان أقل من درهم ، إلحاقا له بدم الحيض ، لمرفوعة البرقي (١) عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «دمك أنظف من دم غيرك ، إذا كان في ثوبك شبه النضح من دمك فلا بأس ، وإن كان من دم غيرك قليلا كان أو كثيرا فاغسله».
ولم يقل بمضمون هذه الرواية أحد قبله مع أن الرواية مذكورة في كتب الأصحاب إلى غير ذلك من المواضع التي يقف عليها المتتبع الماهر والخبير الباهر.
فإن قيل : إن عمومات الآيات مثل قوله سبحانه «وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ» (٢) وقوله «وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصّالِحِينَ» (٣) وقوله «فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ» (٤) وكذلك عمومات السنة مخالفة لهذا الخبر ، وهو قاصر عن معارضتها ، والعمل عليها أرجح ، والقول بها أولى.
قلنا : هذا القائل أيضا إما أن يوافقنا على صحة هذا الخبر وصراحته فيما ندعيه أو لا؟ وعلى الثاني فكلامه هذا لا وجه له ، بل الواجب عليه أن يقول هذا الخبر غير صحيح ولا صريح فيما تدعونه فيكون محل البحث هنا.
وعلى الأول فكلامه هذا ساقط أيضا لاتفاق أجلاء الأصحاب ومعظمهم قديما وحديثا على تخصيص عمومات الكتاب والسنة وتقييد مطلقاتهما بالخبر الصحيح الصريح تعدد أو اتحد ، وها نحن نتلو عليك جملة من تلك المواضع إجمالا.
فمنها مسألة التخيير في المواضع الأربعة بين القصر والإتمام مع دلالة الآية والأخبار على وجوب التقصير على المسافر مطلقا.
ومنها مسألة الحبوة. ودلالة الآيات والروايات على أن ما يخلفه الميت
__________________
(١) الكافي ج ٣ ص ٥٩ ح ٧ ، الوسائل ج ٢ ص ١٠٢٨ ح ٢.
(٢) سورة النساء ـ آية ٢٤.
(٣) سورة النور ـ آية ٣٢.
(٤) سورة النساء ـ آية ٣.