الثاني : لا خلاف في أنه يجوز نظر الرجل إلى مثله ، ما خلا العورة ، والمرأة إلى مثلها كذلك ، والرجل إلى محارمه ما عدا العورة كل ذلك مقيد بعدم التلذذ والريبة إلا في الزوجين.
قال في المسالك : ولا فرق في ذلك بين الحسن ، والقبيح ، للعموم ، ولا بين الأمرد وغيره عندنا ، وإلا لأمر الشارع الأمرد بالحجاب ، ثم لو خاف الفتنة بالنظر إليه أو تلذذ به ، فلا إشكال في التحريم كغيره.
وقد روي أن وفدا قدموا على رسول الله صلىاللهعليهوآله وفيهم غلام حسن الوجه ، فأجلسه من ورائه ، وكان ذلك بمرءى من الحاضرين ، ولم يأمره بالاحتجاب عن الناس فدل على أنه لا يحرم ، وإجلاسه وراءه تنزها منه صلىاللهعليهوآله وتعففا.
ومما يدل على وجوب ستر العورة ، في هذه المواضع فيما عدا الزوجين. ما رواه في الكافي عن أبي عمر والزبيري (١) عن أبي عبد الله عليهالسلام في حديث طويل قال فيه «فقال تبارك وتعالى (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ) فنهاهم أن ينظروا إلى عوراتهم وأن ينظر المرء إلى فرج أخيه ، ويحفظ فرجه أن ينظر إليه ، وقال «وَقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ» من أن تنظر إحداهن إلى فرج أختها ، وتحفظ فرجها من أن ينظر إليها ، وقال : كل شيء في القرآن من حفظ الفرج فهو من الزنا ، إلا في هذه الآية ، فإنها من النظر».
وينبغي أن يعلم أن المملوكة في حكم الزوجة ، مع جواز نكاحها ، فلو كانت مزوجة فالمعروف من كلامهم ، أنها كأمه الغير ، وكذا المكاتبة والمشتركة. ولو كانت مرهونة أو مؤجرة أو مستبرأة ، أو معتدة من وطي شبهة ، فالجواز أقوى كما اختاره في المسالك أيضا.
بقي الكلام في أن المشهور جواز نظر المرأة إلى مثلها ، مسلمة كانت الناظرة ، أو المنظورة أم كافرة ، ونقل عن الشيخ في أحد قوليه أن الذمية لا يجوز أن تنظر
__________________
(١) أصول الكافي ج ٢ ص ٣٦ في ضمن ح ١.