ينكح زوجا غيره بعد العدة ، ثم يفارقها وتعتد منه فيتزوجها الأول ، ويفعل كما فعل أولا ، ثم بعد الطلقة السادسة يتزوجها آخر ، ثم يرجع إلى زوجها الأول بعد العدة ويعمل بها كما تقدم ، فإنها في التطليقة التاسعة تحرم عليه مؤبدا.
ومن هنا يعلم أن إطلاق كون التسع للعدة إنما وقع تجوزا فإن الثالثة من كل ثلاث إنما هي للسنة لا للعدة ، والظاهر أن وجه التجوز باعتبار أن الأكثر للعدة ، فأطلق اسم الأكثر على الأقل ، أو باعتبار المجاورة.
قال في المسالك : وتظهر فائدة الاعتبارين فيما لو طلق الأولى للعدة والثانية للسنة فإن المعنيين ينتفيان عن الثالثة ويصدق على الثانية اسم العدية بالاعتبار الثاني دون الأول : وفيما لو كانت الثانية للعدة والأولى للسنة ، فعلى الأول يختص بها الاسم وعلى الثاني يصدق الاسم على الطرفين بمجاورتهما.
ومع ذلك ففي اعتبار التحريم بمثل هذا إشكال ، من وجود العلاقة فيهما كما اعتبرت في الثالثة إجماعا ، ومن أن تعليق الحكم على المعنى المجازي على خلاف الأصل لا يصار إليه في موضع الاشتباه ، وهذا هو الأقوى فيجب الاقتصار بالتحريم المؤبد على موضع اليقين ، وهو وقوع التسع على الوجه الأول وإكمال التسع للعدة حقيقة مع التفرق ، ولا يغتفر الثالثة كما اغتفرت في الأولى لكونها على خلاف الأصل كما ذكرناه فيقتصر بها على موردها ، وهو وقوعها بعد عديتين.
وعلى هذا إن وقع في كل ثلاث واحدة عدية احتسبت خاصة ، وإن وقع في بعض الأدوار عديتان احتمل إلحاق الثالثة بهما ـ كما في مورد النص لوجود العلاقة بالمعنيين ـ وعدمه لخروج مجموع الواقع عن مورده ، وللتوقف في الحكم ـ بالتحريم مطلقا فيما خرج عن موضع النص والإجماع ـ مجال. انتهى.
أقول : لا يخفى على من راجع الأخبار المتعلقة بهذه المسألة أنه لا دلالة في شيء منها على ما ذكروه من اشتراط كون تلك الطلقات التسع الموجبة للتحريم المؤبد عدية ، بل هي ظاهرة في الأعم من الطلقات العدية أو السنية ، بل بعضها