هذا ما حضرني من أخبار المسألة ، وأنت خبير بأنها على تعددها وكثرتها لا دلالة فيها ، ولو بالإشارة على التحريم المدعى.
نعم تدل على الكراهة كما ينادي به قوله عليهالسلام في صحيحة محمد بن مسلم «وأما الحرة فإني أكره ذلك إلا أن يشترط» ، وإنما حملنا الكراهة هنا على المعنى المصطلح ، وإن كانت في الأخبار أعم من هذا المعنى ومن التحريم ، للجمع بينها وبين بقية أخبار المسألة الصريحة في الجواز ، وخصوص موثقة محمد بن مسلم المتقدمة «أن له ذلك وإن كرهت» ، ولم أقف للقول الآخر على دليل يعتمد عليه.
ونقل عنهم الاستدلال بما روي عن النبي صلىاللهعليهوآله (١) ، «أنه نهى أن يعزل عن الحرة إلا بإذنها».
وعنه صلىاللهعليهوآله أنه قال : «في العزل أنه الداء الخفي». والمراد بالداء قتل الولد ، ولأن حكمة النكاح والاستيلاد لا يحصل غالبا مع العزل فيكون منافيا لغرض الشارع.
وأنت خبير بما في هذا الاستدلال من الوهن والاختلال ، ولو لم يعارضه معارض في هذا المجال.
أما الروايتان فالظاهر أنهما عاميتان لعدم وجودهما في كتب أخبارنا ، بما اعترف بذلك في المسالك.
وأما التعليل الآخر فهو مع قطع النظر عن معارضته بالأخبار المذكورة لا يصلح لتأسيس حكم شرعي كما عرفته في غير مقام مما تقدم ، على أن الغرض غير منحصر في الاستيلاد كما ادعاه ، وبذلك ظهر أن القول المشهور هو المعتمد المنصور.
إذا عرفت ذلك ، فاعلم أنه لو عزل بدون الشرط والاذن فقيل : بأنه لا يجب
__________________
(١) كنوز الحقائق المطبوع بهامش الجامع الصغير ج ٢ ص ١٣٧.