وأمّا (١) الحقوق القابلة
______________________________________________________
القسم الثالث : الحقوق القابلة للانتقال
(١) هذا بيان حكم القسم الثالث من الحقوق من حيث وقوعها ثمنا في البيع وعدمه. وقد أشرنا إلى أنّ المصنف قدسسره لم يجزم ببطلان ذلك ، بل تردّد فيه وإن كان مآله إلى عدم جواز جعله عوضا.
ومحصل ما أفاده في الإشكال على وقوعه عوضا هو : أنّ مثل حق التحجير وإن كان قائما بشخص المحجّر كسائر الحقوق القائمة بذويها ، إلّا أنه يجوز نقله الى الغير بصلح ونحوه ويصحّ أخذ المال بإزائه ، فالمحذور المتقدم في القسمين الأوّلين ـ من عدم قابليتهما في حد ذاتيهما للنقل إلى الغير ـ غير جار في هذا القسم. إلّا أنّ المانع من جعله عوضا في البيع هو الخصوصية الملحوظة في مفهوم البيع لغة وعرفا ، وهي وقوع المبادلة بين مالين ، وصدق «المال» على الحقوق غير ظاهر لو لم يكن ظاهر العدم ، وعليه فلا يجوز جعلها عوضا في البيع.
أمّا أخذ «المال» في معنى البيع لغة فلما تقدم في تعريف المصباح له بقوله : «مبادلة مال بمال» فلو لم تحرز مالية العوضين لم تكن المبادلة بينهما بيعا.
وأمّا أخذه في مفهومه عرفا ـ مضافا إلى استكشافه بقول اللغوي ـ فلما يظهر من تعريف الفقهاء للبيع العرفي ، كما تقدّمت جملة منها عند البحث عن اعتبار عينية المبيع ، وقد
__________________
الاعتبارية التي تكون بين الملّاك وأموالهم سواء أكانت فعلية كما في ملك غير المحجور عن التصرف ، أم اقتضائية كما في ملك القصّر ممن لا سلطنة له فعلا على التصرف في ماله.
وعليه فيكون مقصود الشيخ قدسسره من مالكية المديون لما في ذمة نفسه هو الملكية الاعتبارية لا الذاتية ، فتوجيه معقولية ملك المديون للدين «بأنه من شؤون سلطنة النفس على ذمته وعمله ذاتا لا اعتبارا» لعلّه من التوجيه الذي لا يرضى به صاحبه.
وأما أصل تصوير مالكية الشخص لما في ذمة نفسه فسيأتي في نقوض تعريف المصنف للبيع إن شاء الله تعالى.