.................................................................................................
______________________________________________________
بالغفلة والذهول. والنفس وإن كانت جوهرا موجودة لنفسها في نفسها ، لكنها قائمة بغيرها ـ أي بارئها وموجدها ـ فلذا كانت الصور قائمة بذلك الغير.
وكيف كان فالملك بمعنى الإضافة الإشراقية مخصوص بالباري جلّ وعلا ، وهو أمر تكويني خارج عن أفق المقولات فضلا عن الاعتبار. ويثبت بالتبع وفي مرتبة تالية لأوليائه من النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم والأئمة المعصومين عليهم أفضل الصلاة والسلام ، لكونهم مجاري فيضه ومجالي نوره ، فلهم السلطنة المعنوية على جميع الموجودات ، وبهذا الاعتبار بهم تتحرّك المتحركات وتسكن السواكن ، قال المحقق الأصفهاني : «فإنّ الممكنات كما أنّها مملوكة له تعالى بإحاطته الوجودية على جميع الموجودات بأفضل أنحاء الإحاطة الحقيقية ، كذلك النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم والأئمة عليهم السّلام لكونهم عليهم السّلام من وسائط فيض الوجود ، فلهم الجاعلية والإحاطة بذلك الوجه ، بمعنى فاعل ما به الوجود ، لا منه الوجود ، فإنّه مختص بواجب الوجود ، ولا بأس بأن تكون الأملاك وملاّكها مملوكة لهم بهذا الوجه ، كما في قولهم عليهم السّلام : الأرض كلّها لنا ، وإن لم تكن مملوكة لهم بالملك الاعتباري الذي هو موضوع الأحكام الشرعية» (١).
الثاني : الملك الذاتي ، وهو حيثية وجودية هي قيام وجود شيء بشيء بحيث يختص به في التصرف فيه كيف شاء ، ومثّلوا له بمالكية الإنسان لنفسه وأعضائه ومنافعه وأعماله. أما مالكيته لنفسه فلأنّ وجدان كل موجود لنفسه ضروري الثبوت له ، كوجدان كل ماهيّة لنفسها. وأمّا مالكيته لفعله فلأنّ زمامه بيده لصدور عنه بإرادته واختياره ، فهو أملك بفعله من غيره ، لأنّ سلطنته على فعله من شؤون سلطنته على نفسه.
وهذا النحو من الملكية قد يتحقق بين شخصين إذا كان أحدهما طوع إرادة الآخر في حركته وسكونه ، كما حكاه تعالى عن الكليم بالنسبة إلى هارون «على نبينا وآله وعليهما الصلاة والسلام» بقوله لاٰ أَمْلِكُ إِلاّٰ نَفْسِي وَأَخِي إذ لا يراد به الإضافة الاعتبارية بين السيد والعبد ، بل المراد به انقياد هارون له بحيث تكون أفعاله بإرادة أخيه عليهما السّلام. والملكية بهذا المعنى حقيقية لا اعتبارية ولا مقولية ، وتسميتها بالذاتية دون الحقيقية لأجل اختصاص الملك
__________________
(١) حاشية المكاسب ، ج ١ ، ص ٢١٢.