.................................................................................................
______________________________________________________
يصير الحكم كاشفا عن وجودها الواقعي بمقتضى علمه ، فهو إخبار حينئذ عن وجودها ، لا جعل له بالجعل الشرعي ، هذا.
وبناء على مسلك الانتزاع فالمجعول بالأصالة هو التكليف كجواز أنحاء التصرفات في المال حيث ينتزع منه الملكية ، وكحلية النظر والاستمتاع المنتزع منها الزوجية ، وهكذا.
ويكفي في الانتزاع وجود حكم تكليفي في المورد سواء أكان منجزا أم معلّقا على أمر غير حاصل فعلا ، فتنتزع ملكية البالغ من خطابه الفعلي بجواز التصرف ، وتنتزع ملكية القاصر كالصبي من خطاب تعليقي كقول الشارع : «إذا بلغت جاز لك التصرف» ولا منافاة بين فعلية الأمر الانتزاعي وتعليقية منشئه ، إذ المهم وجود الحكم التكليفي القابل لأن ينتزع منه الاعتبار الوضعي سواء أكان منجزا أم معلّقا.
هذا محصّل ما أفاده شيخنا الأعظم ، وقرّره عليه تلميذه الأجل قدّس سرّهما بل زاد الميرزا الآشتياني : انتزاع ضمان الصبي بالإتلاف من خطاب وليّه فعلا بدفع غرامة ما أتلفه المولّى عليه ، حتى لا يلزم التفكيك بين الأمر الانتزاعي ومنشئه بجعل الأوّل فعليا تنجيزيا ، والثاني تقديريا ، هذا.
أقول : الظاهر أنّ منشأ إنكار قابلية الأحكام الوضعية للجعل الاستقلالي هو مقايستها بالاعتبارات الذهنية باصطلاح أهل المعقول ، كما يشهد بها تنظير الملكية بالسببية والشرطية ، مع وضوح الفرق بين الاعتبار باصطلاح الأصولي بينه باصطلاح غيره ، فالمقصود بالاعتباريات التي منها الأحكام الشرعية هو الوجود الادّعائي التنزيلي.
وعليه فالحقّ هنا ما صنعه المحقق الخراساني قدّس سرّه من التفصيل بين ما عدّ من الوضعيات ، بأنّ بعضها وجودات ذهنية تتقوّم بالتصور وتنعدم بالغفلة والذهول ، وبعضها اعتبارات عقلائية وشرعية موطنها وعاء الاعتبار. وليست الملكية والزوجية من قبيل السببية حتى يحكم عليهما بعدم قابليتهما للجعل.
وكيف كان فقد أورد على مسلك الانتزاع بوجوه :
الأول : ما أفاده المحقق الأصفهاني قدّس سرّه في مواضع من كلماته ، ومحصله ـ بتوضيح منّا ـ أن الحكم التكليفي ليس عين الحكم الوضعي ولا منشأ انتزاعه ، ولا مصحّح انتزاعه. فلا معنى