.................................................................................................
______________________________________________________
ترى ، فلا مناص من القول بأن هذه الأمور مجعولة بالاستقلال ، قد أمضاها الشارع ، هذا (١).
أقول : أمّا الوجه الأوّل ـ مما أفاده شيخنا العراقي ـ فهو وإن كان متينا في نفسه ، إلاّ أنه لا بد أوّلا من إثبات أجنبية الاعتباريات العقلائية عن الأمور الانتزاعية عند أهل المعقول ، فمجرد مخالفة مسلك الانتزاع لظواهر الأدلة الشرعية لا يكفي في نفي نظر الشيخ الأعظم ومن وافقه ، لتصريح الميرزا الآشتياني بلزوم التصرف في ظهور الأدلة المتكفلة لأحكام تكليفية مترتبة على مثل الملكية والزوجية. وعليه فالمهمّ على القائل بأصالتها في الجعل إبطال الانتزاع حتى تصل النوبة إلى إبقاء ظواهر الخطابات على حالها.
وأمّا الوجه الثاني فيمكن أن يقال فيه : إنّ كون الملكية والزوجية من الاعتباريات المتداولة بين العقلاء حتى غير ذوي الأديان لا يكشف عن أصالتها في الجعل بالعقود المتعارفة بينهم وغيرها من الأسباب ، ولا يبطل به مسلك الانتزاع ، فإنّ المقصود من التكليف الذي يفرض منشأ للانتزاع ليس خصوص الحكم المتعبّد به عند الكل ، فإنّ الخطابات عامة لجميع المكلفين سواء من تديّن منهم بها ومن لم يكن كذلك.
والحاصل : أنّ الأمور الاعتبارية لو قيل بانتزاعيتها من التكليف كانت الأحكام المشتركة بين الجميع منشأ الانتزاع وإن لم يلتزم بها بعضهم.
هذه جملة من الكلام في الملكية. وتلخص مما ذكرناه أمور :
الأوّل : أن الملكية العرفية والشرعية خارجة عن حدود المقولات ، فإنّ موطنها وعاء الاعتبار ـ باصطلاح الأصولي ـ لا الاعتبار عند أهل المعقول بما له من الإطلاقات.
الثاني : أنّ الملكية ليست مشتركة معنويّة مقولة على مواردها بالتشكيك ، بل هي مفهوم عام يكون مطابقها إشراقا تارة ، وجدة مقولية أخرى ، واعتبارا عقلائيا أو شرعيا ثالثة.
الثالث : أن الملكية اعتبار الواجدية ، وهي متأصلة في الجعل إما بجعلها تأسيسا أو إمضاء لما عند العرف ، ولا تنتزع من التكليف ولا من العقد.
هذا كله في الموضع الأوّل ، وهو البحث عن الملك.
__________________
(١) نهاية الأفكار ، ج ٤ ، ص ١٠٣.