.................................................................................................
______________________________________________________
الى هذه العناوين الثلاثة ـ فلا إشكال في مباينتها ، لأنّ الحق ـ كما قالوا ـ متقوّم بقابليته للإسقاط وسلطنة ذي الحق عليه ، وهذا بخلاف مثل حليّة الماء والحنطة ، فإنّها أحكام على موضوعاتها ، ولا إضافة تصحّح اعتبار سلطنة أو ملك للمحكوم عليه.
والتعبير ب «لزيد شرب الماء كما أن له حلّ العقد والاقتصاص من الجاني» وإن كان صحيحا ، إلاّ أنّ اللام في حلية شرب الماء تكليفا للتعدية والظرف لغو ، لتعلقه بمقدّر مثل «يحل ويجوز» كما هو الحال في إضافة الحلية إلى الأعيان في الذكر الحكيم ، قال عزّ من قائل : (أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعٰامِ) (١) ، ولكن الظرف في اعتبار حلّية العقد مستقرّ ، ويدل على اعتبار إضافة خاصة كالسلطنة أو الملك.
وعلى هذا فما أفاده قدّس سرّه ـ من كون الحق حكما حقيقة لأنه أمر اعتباري كاعتبار اللابدية والحرمان في باب التكاليف ، ولأنّ الحق بمعناه الوصفي بمعنى الثابت ، وهو صادق على الحكم والحق ـ غير ظاهر ، ضرورة أنّ مجرّد اعتبارية الحق لا يوجب وحدته مع الحكم ولا مغايرته مع الملك ، لوضوح أنّ الاعتبارات الوضعية متقومة أيضا بالجعل ولو إمضاء ، مع أنه قدّس سرّه حكم بمغايرة الحق للملك ، لكونه سلطنة أو إحاطة. لكنك خبير بصدق «الثابت» على الملك الاعتباري كصدقه على التكليف المحض وعلى الحق أيضا ، إذ المناط في جميعها هو التقرر في الوعاء المناسب له.
ومنه يظهر أنّ الحق المصطلح ليس بمعناه اللغوي أي الثابت ، لكونه مفهوما عاما منطبقا على الجواهر والأعراض فضلا عن الموجود الادعائي ، هذا.
مضافا إلى : أنّ جعل الحق هنا مقابلا للملك الذي هو السلطنة والإحاطة ينافيه تصريحه ـ في مسألة قيام حق القصاص بمطلق الوجود من الولي أو بصرف الوجود منه أو بالمجموع ـ بأنه سلطنة منحلة بعدد أولياء الدم. وهذا عدول الى جعل هذا الحق بمعنى السلطنة كما ذهب إليه المشهور ، والمحقق الأصفهاني الذي جعله مشتركا لفظيا.
وإلى : أنّ جعل الحق عبارة عن الجواز واللزوم الشرعيين القابلين للإسقاط قد يشكل
__________________
(١) المائدة ، الآية : ١.