.................................................................................................
______________________________________________________
الموارد والأدلة ، هذا.
ولا يبعد أن يقال : ـ وإن كان محتاجا إلى الدقة والتأمل فيه ـ إنّ مفاد الدليل إن كان ثبوت حكم لعين أو فعل من دون إضافته إلى فاعل مّا ، كأن يقال : «الماء أو شربه حلال ، والمعاطاة جائزة ، والتدبير والمضاربة والوكالة ونحوها من العقود والإيقاعات جائزة» كان ظاهرا في الحكم ، لظهور الدليل في كون الجواز حكما للطبيعة من حيث هي ، مع الغضّ عن كل شخص. وأنّ اشتمال الخطاب أحيانا على أشخاص لأجل الامتنان أو غيره من النكات كقوله تعالى : « أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعٰامِ » ولذا كان الظرف لغوا لا مستقرا.
وإن كان مفاد الدليل إثبات شيء لشخص ، فان كان ذلك الشيء عينا خارجية أو ذمية كان ظاهرا في الملك. وإن كان معنى كان حقا ، مثل «للمغبون حلّ العقد» وهذا الظاهر متّبع حتى يثبت خلافه.
هذا بعض الكلام في المقام الأوّل.
المقام الثاني : في أقسام الحقوق
وحيث عرفت الفرق بين الحقّ والحكم ثبوتا ، وعدم انطباق أحدهما على الآخر ، فاعلم : أنّ الفقهاء «رضوان اللّه عليهم» قسّموا الحق باعتبار قابليته للسقوط بالإسقاط وعدمها ، ونقله الاختياري مع العوض وبدونه وعدمه ، وانتقاله القهري بالموت ونحوه وعدمه على أنحاء شتى. وقبل التعرض لها لا بأس بالتنبيه على أمر ربما يكون دخيلا في وضوح الحال ، فإنّ كثيرا ممّا ذكروه من الحقوق خارج عنها ومندرج في الحكم ، وذلك الأمر هو ملاحظة ما ورد في الروايات من إطلاق الحق على كثير من الأحكام ، فلاحظ باب جوامع الحقوق من كتاب العشرة من الوسائل ، الذي هو مختصر من جوامع الحقوق المدوّنة في بحار الأنوار ، فإنّ الحق أطلق في تلك الروايات على حكم الأب بالنسبة إلى الولد وبالعكس ، وعلى عبادة اللّه سبحانه وتعالى ، وعدم الإشراك له ، وعلى ولاية الحاكم والسلطان ، وعلى الماء وكيفية شربه من الكوز وغيره ممّا لا ينطبق عليه ضابط الحق المصطلح.
وبالجملة : يظهر بمراجعة الروايات المشتملة على إطلاق الحق على الحكم أنّ التقسيم الى ما لا يسقط بالإسقاط وإلى ما يسقط به ويجوز نقله ليس في محله ، لأنّ ما لا يسقط بالإسقاط