.................................................................................................
______________________________________________________
أقول : أمّا إنكار إطلاق دليل حقي الخيار والشفعة فغير ظاهر ، فإنّه كما يتمسك بإطلاق ما روي عنه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم : «من سبق الى ما لم يسبقه إليه مسلم فهو له» (١) و يلتزم ببقاء أولويته بما سبق إليه من المكان سواء أسقط حقّه أم لم يسقطه ، كما اعترف قدّس سرّه به ، فكذا لا مانع من الأخذ بإطلاق قوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم : «البيّعان بالخيار ما لم يفترقا» سواء أسقط أحدهما أو كلاهما حقّه أم لم يسقطه. وكذا قوله عليه السّلام في حق الشفعة : «فهو أحق به» مع وضوح كون الإسقاط في كلا المقامين من الحالات المتبادلة المندرجة في الدليل.
وأمّا الحكم بمرجعية الاستصحاب أوّلا ثم عموم حرمة أكل مال الغير بالباطل فلا يخلو من غموض ، إذ مع فرض وجود العموم الذي هو حجة في ما عدا القدر المتيقن من دليل المخصّص ـ أعني به الأخذ بحقّي الخيار والشفعة وعدم إسقاطهما ـ لا يبقى مجال للرجوع الى الأصل العملي ، وبيانه : أنّ لدليل حرمة الأكل عموما أفراديا وإطلاقا أزمانيا وأحواليا ، فلا يجوز للبائع التصرف في ما انتقل عنه إلى المشتري ، ولا للشريك التصرف في حصة المشتري التي اشتراها من شريكه. وإجمال المخصّص ـ وهو دليل تشريع الخيار والشفعة ـ يقضي بالأخذ بالقدر المتيقن منه وهو إعمال ذي الخيار والشفيع حقّهما ، وانتزاع ما كان بيد من عليه الخيار والمشتري. وأمّا إذا أسقطا حقّهما وأرادا الأخذ به بعده كان عموم حرمة الأكل حاكما بعدم الجواز.
هذا ما تقتضيه الصناعة ، لكنه مجرد فرض ، إذ لا وجه للشك في أنّ المجعول في مورد القصاص والخيار والشفعة هو السلطنة والأولوية المعبّر عنهما بالحق المقابل للجواز الحكمي ، ومن المعلوم كون أدنى مراتبه قابلية سقوطه بإسقاط من له الحق. هذا كله في حكم الشك في السقوط والبقاء ، ومرجعه الى الشك في كون المجعول حقّا مصطلحا أو حكما.
ب ـ حكم الشك في قابلية الحق للإسقاط
وأمّا الثاني : وهو الشك في قابلية الحق للسقوط بعد إحراز عدم كونه حكما مصطلحا
__________________
(١) مستدرك الوسائل ، ج ١٧ ، ص ١١٢ ، الباب ١ من أبواب إحياء الموات ، الحديث : ٤.