.................................................................................................
______________________________________________________
موضوعا للحق يدور مداره ، لا موردا له حتى يجوز تفويضه الى غيره ، هذا.
وأمّا جواز المعاوضة على الحقوق فسيأتي في المقام الخامس.
المقام الرابع : في ذكر بعض ما يتردد بين الحق والحكم.
اعلم : أنّهم ذكروا أمورا جعلوها من المصاديق المشتبهة بين الحق والحكم :
منها : الأولوية بالسبق إلى المساجد والمدارس والقناطر والرباطات والطرق النافذة ، ونحو ذلك من الحقوق الراجعة إلى عموم الناس ، أو المتلبس بعنوان خاصّ منهم كالمصلّين والزائرين والعابرين ونحوهم ، فإنّه لم يظهر المراد من الأولوية ، فهل يراد بها الحق بحيث يصير السابق إلى مكان من الأمكنة المذكورة ذا حقّ فيها ، فتكون العبادة مع دفع السابق وإخراجه عنه باطلة ، لكون المكان متعلقا لحق الغير كحقي الرهانة والتحجير؟أم يراد بها حرمة المزاحمة مع السابق تكليفا ، فدفع السابق وإن كان حراما تكليفيا ، لكنه لا يوجب الغصبية حتى تبطل الصلاة ، فتقديم السابق حينئذ في تزاحم الحقوق يكون من باب الحكم. نظير تقديم الأهم في تزاحم الواجبات. فإطلاق الأحقّية في النصوص على السابق الدّالة على زيادة المبدأ ـ وهو الحق ـ في السابق إنّما هو باعتبار اختصاص الاستيفاء فعلا بالسابق ما دام شاغلا للمكان ، فالحق المشترك بينه وبين غيره من الموقوف عليهم الثابت بنفس الوقف يختص استيفاؤه بالسابق ، وليس لغيره استيفاء ذلك الحق المشترك حتى يعرض السابق عن المكان؟
ظاهر كلمات الأصحاب كون السبق سببا لحدوث حقّ للسابق ، حيث إنّهم عبّروا بكونه أحق من غيره. قال في الشرائع : «وأمّا المسجد فمن سبق إلى مكان منه فهو أحق به ما دام جالسا» (١).
وقال في القواعد : «وأمّا المسجد فمن سبق الى مكان فهو أحق به ، فإذا قام بطل حقّه وإن قام لتجديد طهارة أو إزالة نجاسة أو نوى العود ، إلاّ أن يكون رحله باقيا فيه» (٢).
وفي اللمعة وشرحها : «فمنها المسجد ، وفي معناه المشهد ، فمن سبق إلى مكان منه
__________________
(١) شرائع الإسلام ، ج ٣ ، ص ٢٧٧.
(٢) قواعد الأحكام ، ص ٨٧.