.................................................................................................
______________________________________________________
وأمّا أخذ المال بإزاء الإعراض عن المكان فالظاهر أنّه لا بأس به ، لأنّ رفع موضوع الحرمة ـ وهو المزاحمة ـ يكون تحت سلطنة السابق ، لكونه عملا من أعماله كسائر أعمال الحرّ.
وأمّا صلاة المزاحم الدافع للسابق فلا تبعد صحتها ، للبراءة عن الشك في مانعية المزاحمة ، إذ لو كان السبق موجبا للحق كانت الصلاة باطلة ، وإلاّ فهي صحيحة. ولمّا كان منشأ الشك في الصحة الشكّ في مانعية التزاحم جرى الأصل في المانعية.
نعم بناء على اقتضاء الأمر بشيء للنهي عن ضده يحكم بفساد الصلاة ، للعلم ببطلانها ، إمّا لكون السبق موجبا للحق ، وإمّا لكون الأمر مقتضيا للنهي عن ضده ، فتدبّر.
ثم إنّه بناء على ما تقدم من الإشكال في سند الروايات كالإشكال في حجية الإجماع لاحتمال مدركيته لا يبقى مستند لحق السبق. إلاّ أن يتمسك بالسيرة العقلائية القاضية بتقديم السابق في المشتركات ، بل تقديم السابق من مرتكزات الحيوانات أيضا ، حيث إنّ ما تقدم من السباع إلى افتراس حيوان ليأكله لا يزاحمه غيره من السباع في أكله ، فعدم مزاحمة السابق من الأمور الارتكازية الجارية عليها السيرة العقلائية التي لم يردع عنها الشريعة المقدسة الإسلامية ، بل الإجماع والروايات المتقدمة ـ على تقدير تماميتها ـ دليل على إمضاء تلك السيرة.
لكن المتيقن منها هو اختصاص السابق ، بمعنى عدم جواز مزاحمة أحد له فيما سبق إليه. وأمّا الاختصاص بمعنى الحق فليس مما تقتضيه السيرة ، بل لا بد حينئذ من معاملة الحكم مع ما جرت عليه السيرة دون معاملة الحق معه ، فلا يبطل العمل الصادر من المزاحم ، كما لا ينتقل قهرا بموت ونحوه إلى غير السابق. وكذا لا يقبل النقل.
نعم لا بأس بأخذ مال لتخلية المكان وتفريغه ، لأن التفريغ عمل يبذل بإزائه المال ، وبعد التخلية يشغله باذل الفلوس ، فيصير هو السابق ، واللّه العالم.
ومن المصاديق المشتبهة بين الحق والحكم ، جواز الرجوع في المطلقة الرجعية على ما قيل ، وإن كان الظاهر كونه من الأحكام ، والتفصيل في محله.