.................................................................................................
______________________________________________________
ومن المصاديق المشتبهة ـ على ما قيل أيضا ـ جواز الرجوع في العقود الجائزة ، فإن كان حكما لم يسقط بالإسقاط ، وإلاّ يسقط به. لكن الحق أن الجواز فيها حكم ، فلا تصير العقود الجائزة لازمة بإسقاطه ، فلاحظ.
ومنها : غير ذلك مما يقف عليه المتتبع.
المقام الخامس : في حكم المعاوضة على الحقوق القابلة للنقل والإسقاط.
أمّا ما لا يقبل الإسقاط ـ بناء على كونه حقّا ـ فلا كلام في عدم جواز أخذ العوض بإزائه ، وأمّا القابل للنقل والإسقاط فقد تقدم في أوّل بحث الحقوق خلاف الأعلام فيه ، فمنهم من منع من وقوع الحق عوضا في البيع مطلقا ، كالشيخ الفقيه كاشف الغطاء ، واختاره المحقق النائيني قدّس سرّهما أيضا. ومنهم من جوّز ذلك مطلقا كصاحب الجواهر قدّس سرّه. ومنهم من فصّل بين ما يقبل الانتقال وبين ما لا يقبله ويقبل الإسقاط خاصة ، كالمصنف قدّس سرّه وإن مال في آخر كلامه الى المنع مطلقا.
والتحقيق : جواز جعل الحقوق عوضا عن المبيع مطلقا أي جعل إسقاط ما يقبل الإسقاط ثمنا ، وانتقاله الى باذل المبيع فيما يقبل الانتقال الى الغير ، وذلك بعد تمامية أمرين :
أحدهما : عدم اختصاص «المال» بالأعيان المتمولة ، وصدقه على منافع الأعيان الصامتة وعمل الحر ولو بعد المعاوضة عليه. وجواز أخذ العوض في الصلح على إسقاط بعض الحقوق كاشف عن ماليّته عرفا ، وعدم اختصاص المال بالأعيان. ويتعيّن حمل كلام ابن الأثير في تفسير المال على الغالب ، وإلاّ أشكل الأمر في بذل المال بإزاء المنافع في الإجارة والصلح.
ولو فرض تعذر توجيه كلام اللغوي بالحمل على الغالب لم يقدح في اتصاف الحقوق بالمالية ، لأعمية المال عرفا من العين والمعنى والحق ، إذ المال عندهم كل ما يرغب فيه العقلاء ويتنافسون عليه ، ولا شك في أعمية المعنى العرفي حتى تجري فيه أصالة عدم النقل عن معناه اللغوي.