.................................................................................................
__________________
وهذا بخلاف الإنشاء في باب العقود والإيقاعات ، فإنّه من الوسائط الثبوتية ، لمضامينها التي هي حقائق اعتبارية (١).
هذا كله في الفرق بين الإنشاء والإخبار ثبوتا. وأمّا في مقام الإثبات فحيث إن طبع هذه الجمل كان على الحكاية عن واقع ثابت فيحمل الكلام على الإخبار ، ويتوقف إرادة الإنشاء على قرينة صارفة عن الحكاية عن الواقع الثابت إلى إبراز الإيقاع الذي هو خروج النسبة من العدم الى الوجود (٢). هذا.
وذهب سيّدنا الخويي قدسسره الى هذا المسلك ببيان آخر ، محصّله : أنّ الإنشاء والإخبار يشتركان في كون كل منهما مبرزا لمقاصد المتكلم في مقام التفهيم ، ويستعمل اللفظ في كل منهما في معناه الموضوع له. ويفترقان في أنّ الجمل الإنشائية بما لها من الهيئات الخاصة وضعت لإبراز الأمور النفسانية سواء أكانت من الاعتباريّات كالملكية والزوجية والوجوب والحرمة وغيرها ، أم من الصفات كالتمني والترجّي ونحوهما ، ولمّا لم يكن في مواردها خارج ـ تطابقه النسبة الكلامية أو لا تطابقه ـ لا تتصف بالصدق والكذب ، بخلاف الجمل الخبرية ، فإنّ المعنى الموضوع له فيها ـ المبرز بها ـ لمّا كان عبارة عن قصد الحكاية ، وهو متصف بالصدق والكذب ـ اتصف بأحدهما لا محالة بالتبع.
فالفرق بين الخبر والإنشاء ليس من ناحية دواعي الاستعمال كما ذهب إليه صاحب الكفاية قدسسره ، بل من ناحية الوضع الذي هو التعهد والالتزام النفساني بجعل لفظ خاص أو هيئة خاصة مبرزا لقصد تفهيم أمر تعلق غرض المتكلم بتفهيمه.
وما اشتهر من أنّ «الإنشاء إيجاد المعنى باللفظ» ممنوع ، إذ الإيجاد إمّا تكويني كإيجاد الجواهر والأعراض ، وهو ضروري البطلان ، لعدم كون الألفاظ من سلسلة علل وجود الموجودات الخارجية ، بل لها علل ومعدّات أجنبية عن عالم الألفاظ. وإمّا اعتباري كايجاد الوجوب والحرمة والملكية والزوجية ونظائرها من الأمور الاعتبارية. وهو أيضا كذلك ،
__________________
(١) مقالات الأصول ، ج ١ ، ص ٢٦
(٢) نهاية الأفكار ، ج ١ ، ص ٥٨