وفيه (١) أنّ حقيقة الصلح
______________________________________________________
(١) هذا دفع الاشكال الخامس ، ولمّا كان متضمنا لنقض تعريف البيع بعقدين آخرين ـ وهما الصلح والهبة المعوضة ـ فلذا تصدّى للجواب عن كل واحد منهما بما يناسبه. فيقع الكلام في مقامين : أحدهما في التفصّي عن النقض بالصلح ، والثاني في دفع النقض بالهبة المعوّضة.
أمّا المقام الأوّل ، فمحصّل ما أفاده فيه : مغايرة البيع والصلح مفهوما ، واستدل عليه بأمور ثلاثة.
أمّا اختلافهما مفهوما فبيانه : أنّ البيع ـ كما تقدّم في كلام بعض أهل اللغة كالفيومي
__________________
رابعها : أن تكون الهبة مشروطة بشيء بنحو شرط النتيجة ، كأن يقول الواهب : «وهبتك كذا بشرط أن تكون دارك ملكي».
والمناسب للنقض هو الهبة التي تقع المقابلة فيها بين المالين بنحو يكون العوض جزءا لا شرطا كما في القسم الثالث ، إذ الهبة الثانية تكون عوضا عن الهبة الأولى ، فيصدق عليه : «إنشاء تمليك عين بعوض» بخلاف ما عداه من الأقسام المزبورة ، فإنّ شرط العوض غير نفس العوض بنحو الجزئية ، وكونه مقابلا للعين الموهوبة كمقابلة الثمن للمثمن في البيع. ولذا تبطل الهبة بانتفاء العوض فيما إذا كان مقابلا للموهوب ، كبطلان كلّ معاوضة بفقدان أحد العوضين قبل القبض ، دون ما إذا كان بنحو الشرطية ، لأنّ انتفاء الشرط لا يوجب البطلان ، بل يوجب الخيار.
وبالجملة : فتمليك مال بإزاء مال خارجي بيع ، وكذا تمليك مال بإزاء فعل من الأفعال المتمولة من إعطاء وتمليك وخياطة وقصارة وغير ذلك من الأعمال المتمولة ، فإنّ جميع هذه التمليكات مصاديق البيع الذي هو تمليك عين متمولة بمال.
ومما ذكرناه يظهر ما في حاشية السيد قدسسره من جعل بعض أقسام التمليكات المزبورة من الهبة مع أنّها من البيع (١). لأنّ تمليك العين بعوض ـ سواء أكان العوض عينا أم منفعة أم حقا ـ ليس إلّا البيع ، فإنّ التمليك المقابل بالتمليك أيضا بيع ، لكون التمليك عملا ، وسيأتي تفصيل مقابلة العين بالتمليك أو التمليك بمثله في رابع تنبيهات المعاطاة إن شاء الله تعالى.
__________________
(١) حاشية المكاسب ، ص ٦١.