طلبه (١) من الخصم إقرارا له ، بخلاف طلب التمليك (٢).
وأمّا (٣) الهبة المعوّضة
______________________________________________________
الثاني : أن يستدعي منه الصلح على تلك الأرض ، فيقول : «صالحني عليها بكذا».
وفرّقوا بين الطريقين بأنّ الأوّل ـ وهو طلب التمليك والبيع ـ يعدّ تنازلا من المنكر واعترافا بمالكية المدّعي للعين المتنازع فيها ، إذ لا معنى لاستدعاء البيع من غير المالك ، فلا بدّ أن يتضمّن طلب البيع إقرارا بصحة دعوى زيد ومالكيته للأرض. بخلاف الثاني ، فإنّ استدعاء الصلح ليس إقرارا بصحة دعوى زيد ، لأنّ همّه قطع المنازعة.
قال المحقق : «وإذا قال المدّعى عليه : صالحني عليه ، لم يكن إقرارا ، لأنّه قد يصحّ مع الإنكار. أمّا لو قال : بعني أو ملّكني كان إقرارا» (١).
وهذا التفصيل خير شاهد على أنّ حقيقة الصلح ـ مع الغضّ عن متعلّقه ـ ليست تمليكا ، وإلّا لم يكن فرق بين أن يطالب المنكر من المدّعي تمليك العين بالبيع ، وبين أن يطالب الصلح عليها.
هذا توضيح كلمات المصنف قدسسره في المقام الأوّل من الجواب عن الاشكال الخامس. وأما المقام الثاني المتعلق بدفع النقض بالهبة المعوّضة فسيأتي.
(١) يعني : أنّ طلب المنكر الصلح واستدعاءه من المدّعي ليس إقرارا له بكونه مالكا.
(٢) حيث إنّ طلب التمليك من المنكر إقرار منه للخصم ، فلو كانت حقيقة الصلح تمليكا لكان طلبه كطلب التمليك إقرارا للخصم وتصديقا له في دعواه ، بداهة أنّ طلب التمليك لا يصحّ إلّا فيما إذا كان بناء طالب التمليك على مالكيّة الخصم للمدّعى به ، إذ لا معنى لطلب التمليك من غير المالك.
(٣) هذا شروع في المقام الثاني أعني به دفع نقض تعريف البيع ـ بإنشاء تمليك عين بمال ـ بالهبة المعوّضة ، أي المشروط فيها العوض ، ومحصّله : اختلاف مفهومي البيع والهبة ، فالبيع متقوّم بالعوض بحيث لو كان التمليك من طرف واحد صحّ سلب العنوان عنه ، ولكنّ الهبة متقوّمة بالمجّانية وتمليك العين بلا عوض ، ففي الهبة المعوّضة لا بدّ من إناطة وجوب العوض
__________________
(١) شرائع الإسلام ، ج ٢ ، ص ١٢٣