في هبته (١) (*) ، فالظاهر (٢) أنّ التعويض المشترط في الهبة كالتعويض غير المشترط
______________________________________________________
(١) المقصود بجواز رجوع الواهب هنا هو الجواز الحقّي الناشئ من تخلف المتّهب عن الوفاء بالشرط ، وهذا وإن اتّحد أثره مع جواز فسخ عقد الهبة ذاتا ، إلا أنّ الأوّل جواز حقي قابل للإسقاط ومتعلّقه العقد ، والثاني حكمي غير قابل للإسقاط ، ومتعلقة استرداد العين الموهوبة. مضافا إلى ظهور الثمرة في الهبة المشروطة لذي رحم ، لانتفاء جوازها الحكمي ، ويبقى جوازها الحقّي خاصة.
(٢) هذه نتيجة عدم كون الهبة معاوضة ، يعني : أنّ شرط العوض في الهبة ـ بعد أن لم يكن موجبا لصيرورة الهبة كالمعاوضات ـ صار كالتعويض من باب الإحسان في كونه تمليكا مستقلّا يقصد به وقوعه عوضا ، فكما لا يكون التعويض غير المشروط في ضمن الهبة إلّا تمليكا مستقلا ، فكذلك التعويض المشروط في ضمنها ، غايته أنّه يكون في الهبة المشروطة هبتان ، بخلاف غير المشروطة ، حيث إنّها واحدة.
والحاصل : أنّ الهبة متقوّمة بالمجّانيّة ، في مقابل المعاوضة ، فلا يصدق عليها «تمليك العين بعوض» حتى ينتقض بها تعريف البيع بإنشاء تمليك عين بمال.
__________________
(*) ويشهد أيضا بعدم اقتضاء الشرط كون الهبة من المعاوضات : ما ذكره الفقهاء من أنّه لو ظهر كون العوض مستحقا للغير لم تبطل الهبة ، بل يجب دفع البدل مطلقا أو خصوص المثل أو القيمة ، ولو كانت المقابلة بين المالين بطل العقد بظهور الاستحقاق ، قال في الجواهر : «ولو خرج العوض أو بعضه مستحقا أخذه مالكه ، ثمّ إن كانت الهبة مطلقة لم يجب دفع بدله ، ولكن للواهب الرجوع. وإن شرطت بالعوض ففي القواعد : دفع المتّهب مثله أو قيمته مع التعيين ، أو العين ، أو ما شاء إن رضي الواهب مع الإطلاق. وهو ظاهر أيضا في وجوب دفع العوض ، وفي وجوب قبول الواهب له مع بذله ، فيكون الهبة كالنكاح في عدم كون ظهور استحقاق المهر مبطلا لها» (١).
__________________
(١) جواهر الكلام ، ج ٢٨ ، ص ٢٠٧