.................................................................................................
__________________
بعوض» على القرض كصدقه على البيع ، إذ ليس مفاد صيغة «أقرضتك» أو «ملّكتك هذا وعليك ردّ عوضه» إلا تمليك عين في قبال عوضها.
وإن كان تمليك المقرض لا على وجه المقابلة بل كان تمليكه مجّانيا وخاليا عن العوض ـ وإنّما اشترط على المقترض ضمان البدل ، كحكم الشارع على الضامن باشتغال العهدة في موارد الضمانات كالإتلاف ـ كان غير معقول. لاستحالة أن يضمن الشخص مال نفسه ، لا سيّما مع قيام عينه ، فيكون العين له قد تملّكها مجّانا ، ومع ذلك يضمنها على أن يؤدّي العوض للغير (١).
وهذا الاشكال لا يخلو من وجه ، والتفصي منه «بأنّ ضمان المقترض للإقدام عليه لا لقاعدة اليد ، فالمقترض أقدم على ضمان مالية العين وإن لم يضمن خصوصيتها» (٢) لا يخلو من غموض ، إذ لا إقدام هنا إلّا على القرض ، والإشكال كلّه في تصوير الضمان ، لانحصار سببه في أحد أمرين ، إمّا اقتضاء ذات العقد للمعاوضة ، فيعود انتقاض تعريف البيع بالقرض ، لاشتراكهما في جامع التمليك بالعوض ، وإن كان العوض فيه كلّيا دائما ، بخلاف الثمن في البيع ، فإنّه أعمّ منه ومن العين الشخصية والمنافع المملوكة ، بل وبعض الحقوق.
وإمّا لاقتضاء الشرط المدلول عليه بقوله : «وعليك ردّ عوضه» مع فرض عدم اقتضاء نفس تمليك المقرض للبدل ، وهذا هو محذور ضمان الشخص لما تملّكه مجّانا ، وهو غير معقول.
وبهذا ظهر أنّه لا إقدام على ضمان العين من غير ناحية الاقتراض ، فإمّا أن يكون الضمان مقتضى طبع القرض ، وإمّا أن يكون مقتضى الشرط.
وتخلّص المحقّق الإيرواني قدسسره عن النقض بإنكار المعاوضة في باب القرض ، وأنّ حقيقته تمليك العين وتأمين المالية ، وقد أوضحه في موضع آخر بقوله : «إنّ القرض ينحل إلى أمرين : هبة واستيمان. أمّا الهبة فبالنسبة إلى العين ، فإنّ المقرض يرفع يده عن العين ويدفعها إلى المقترض مجّانا وبلا عوض. وأمّا الاستيمان فبالنسبة إلى مالية العين ، فإنّه يستأمن ماليّة
__________________
(١) حاشية المكاسب ، ج ١ ، ص ٧٤
(٢) مصباح الفقاهة ، ج ٢ ، ص ٦٨