أقول (١) أمّا البيع بمعنى الإيجاب المتعقّب للقبول فالظاهر أنّه ليس مقابلا للأوّل (٢) ، وإنّما هو (٣) فرد انصرف إليه اللفظ في مقام قيام القرينة (٤) على إرادة
______________________________________________________
تحقيق إطلاق البيع على معان اخرى
١ ـ إطلاقه على الإيجاب المنضم الى القبول
(١) هذا شروع في الأمر الثاني الذي أشرنا إليه بقولنا : «الثاني عدم منافاة التعريف المزبور لإطلاق البيع على معان أخر .. إلخ» فالمقصود مناقشة كلام بعض من قارب عصره ، وأنّ إطلاق البيع على معان أخر ـ غير إنشاء تمليك عين بمال ـ ليس حقيقيا ناشئا من تعدّد الوضع كما يظهر من إطلاق كلامه.
أمّا عدم التنافي بين المختار في تعريف البيع ـ من إنشاء تمليك عين بمال ـ وبين المعنى الأوّل من المعاني الثلاثة الأخرى ، وهو الإيجاب المتعقّب للقبول ـ فلأنّ البيع في جميع موارد إطلاقه يراد به إنشاء التمليك خاصة ، سواء تعقّبه تملّك المشتري أم لا. ودلالة قولنا : «باع زيد داره» على خصوص الإيجاب المقرون بالقبول وإن كانت مسلّمة ، إلّا أنّها ليست مستندة إلى الوضع ، بل منشؤها قرينية الإخبار على وقوع بيع مؤثّر وهو التمليك المتعقّب بالقبول ، فيكون من باب تعدّد الدال والمدلول. لا أنّ البيع استعمل في التمليك المقيّد بالقبول حتى يكون استعمالا آخر في مقابل المعنى المختار ، ومنافيا لانحصار معناه في جامع التمليك المقرون بالقبول وغير المقرون به.
وعليه فليس مختارنا في تعريف البيع مغايرا لما ذكره بعض من قارب عصرنا من «أن البيع هو التمليك المشروط بتمليك المشتري» بل هذا المعنى الذي ذكره يكون من أفراد البيع بالمعنى الذي ذكرناه وهو «تمليك العين بمال». فالموضوع له هو «إنشاء التمليك» الجامع للمتعقب بالقبول وغيره ، ويتوقف إرادة خصوص المتعقّب على قرينة. وأما إرادة الإنشاء المجرّد فلا يتوقف على شيء ، بل يكفيه الإطلاق الذي هو عدم التقيّد بالتعقب بالقبول.
(٢) المراد بالأوّل هو «إنشاء تمليك عين بمال» الذي اختاره المصنف قدسسره في تعريف البيع ، لا الأوّل في كلام صاحب المقابس.
(٣) هذا الضمير وضميرا «أنه ، إليه» راجعة إلى البيع بمعنى الإيجاب المتعقب للقبول.
(٤) يعني : فيكون قيد تملّك المشتري مستفادا من قرينة مقامية ، وهي كون المتكلم