ثمّ (١) إنّ الشهيد الثاني نصّ في كتاب اليمين من المسالك على أنّ عقد البيع
______________________________________________________
ألفاظ المعاملات موضوعة للصحيح أو للأعم
(١) لمّا فرغ المصنف قدسسره من تثبيت تعريف البيع ب «إنشاء تمليك عين بمال» ودفع ما أورده عليه ، وناقش في كلام بعض من قارب عصره وهو إطلاق «البيع» على معان ثلاثة أخرى غير إنشاء التمليك ـ من باب تعدد الوضع والاشتراك اللفظي ، أراد التنبيه على أمر آخر ،
__________________
إلّا أن يوجّه كلام الشهيد الثاني بما لا يرد عليه الإشكال بأن يقال : إنّ المراد بالمسبّب الذي وضع له لفظ البيع هو اعتبار المتعاقدين ، وسببه هو الإيجاب والقبول ، فالمسبّب ـ وهو اعتبارهما يوجد بإنشاء الإيجاب والقبول ، بناء على ما ذهب إليه القدماء من كون الإنشاء عبارة عن إيجاد المعنى باللفظ. وعلى هذا فالمسبّب يوجد بالعقد وهو الإيجاب والقبول اللفظيان ، أو مطلقا ، فيصح كلام الشهيد الثاني قدسسره من كون استعمال لفظ البيع في العقد مجازا بعلاقة السببية.
ولا يرد عليه تعريض المصنف قدسسره به من : أنّ المراد بالمسبّب هو الأثر الشرعي ، والمفروض أنّ استعمال لفظ البيع في الأثر الشرعي غير ثابت ، لا لغة ولا عرفا ، كما أفاده في بيان المعنى الثاني والاشكال عليه ، هذا.
لكن صحة هذا التوجيه مبنية على كون الإنشاء إيجاد المعنى باللفظ ، وهو غير ثابت ، لما مرّ سابقا من أنّ في الإنشاء مسلكا آخر وهو أنّه عبارة عن إبراز الاعتبار النفساني بالمبرز اللفظي أو الفعلي ، فلا سببيّة في البين أصلا.
فالمتحصل : أنه لا منافاة بين ما اختاره المصنف من معنى البيع وبين المعاني الثلاثة التي ذكرها بعض من قارب عصره.
أما المعنى الأوّل فلأنّه فرد من أفراد معنى البيع الذي اختاره المصنف من كونه إنشاء تمليك عين بمال.
وأما المعنى الثاني فلم يثبت لا لغة ولا عرفا.
وأما المعنى الثالث فلرجوعه الى المعنى الثاني.