وأمّا (١) وجه تمسّك العلماء
______________________________________________________
هذا تمام الكلام في توجيه كلام الشهيدين قدسسرهما من وضع أسماء العقود للصحيح ، لا للأعم منه ومن الفاسد. وسيأتي الكلام في توجيه التمسك بالإطلاق.
طريق التمسك بالإطلاق بناء على الوضع للصحيح
(١) هذا هو المقام الثاني مما أفاده قدسسره في دفع الإشكال المتقدم على كلام الشهيدين قدسسرهما وتقريبه : أنّ جهة البحث الى الآن كانت في توجيه كلامهما وتحقيق مرادهما من وضع ألفاظ العقود للصحيح ، وقلنا إنّ المقصود به في البيع مثلا هو طبيعي النقل المؤثّر في انتقال الإضافتين ، ولهذا المفهوم الجامع مصداقان ، أحدهما النقل المؤثّر عرفا ، والآخر النقل المؤثّر شرعا.
وبعد استيفاء هذه الجهة عطف عنان البحث الى تصحيح الرجوع الى الخطابات الشرعية بوجهين.
وينبغي تقديم أمرين قبل بيانهما :
الأمر الأوّل : أنّهم فرّقوا في مسألة الصحيح والأعمّ بين ألفاظ العبادات والمعاملات بناء على إنكار وضعها للأعمّ ، والقول باختصاصها بالصحيح ، ومحصّل الفرق : أنّ العبادات ماهيات مخترعة شرعية غير معلومة للعرف ، فمع عدم معرفة تلك الماهيات لا وجه للتمسك بإطلاقاتها ، لكون الشك في صدق مفهوم «الصلاة» مثلا على فاقد ما يشك دخله فيها جزءا أو شرطا. فلا بد من علاج الشك بالرجوع إلى إطلاق مقامي أو أصل عملي كما حرّر ذلك في الأقل والأكثر الارتباطيين.
وهذا بخلاف المعاملات ، فإنّها أمور عرفية كانت متداولة بينهم ـ قبل عصر التشريع ـ لتنظيم شؤونهم الاجتماعية. وقد أمضى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم هذه الطريقة ولم يخالفهم فيها ، ولم يخترع طريقا آخر ، ولم يتصرّف فيها تصرّفا أساسيّا ، بل كان تصرّفه بالردع عن بعضها كالبيع الربوي ونكاح الشغار ، وبزيادة قيد كاعتبار البلوغ في المتعاقدين ، واعتبار صيغة خاصّة في بعضها كالطلاق والنكاح.