.................................................................................................
______________________________________________________
والحاصل : أنّ الشارع لم يستعمل ألفاظ المعاملات إلّا في مفاهيمها العرفية ، ودخل القيود في مقام تأثيرها شرعا إنّما استفيد من دوالّ اخرى ، وليست مقوّمة لمفاهيمها ، فكما لم يستعمل الشارع ألفاظ الخمر والحنطة والماء ـ في الأدلة التي جعلها موضوعات لأحكامه ـ إلّا في مفاهيمها العرفية ، فكذلك لم يستعمل لفظ البيع والصلح والنكاح في قوله : «البيع حلال ، الصلح جائز ، النكاح سنّتي» إلّا في معانيها العرفية التي تنسبق إلى أذهانهم.
الأمر الثاني : أنّ أدلة المعاملات لا يستفاد منها أزيد من كونها إمضاء للمعاملات العرفية ، فمثل قوله تعالى (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) إمضائي لا تأسيسي ، والممضى هو المعاملة العرفية ، لا المعاملة الشرعية حتى يكون مفهومها مجملا مانعا عن الرجوع الى الإطلاق. نعم لا بدّ من إحراز الصحة العرفية ، فلو شك في صدق العنوان ـ كما إذا شكّ في اعتبار معرفة العوضين ، أو شكّ في قابلية وقوع المنافع ثمنا في البيع العرفي ـ امتنع التمسك بالآية الشريفة لإثبات الصحة ونفي دخل ما يحتمل اعتباره في المفهوم العرفي. وأمّا إذا أحرز صدق الاسم عندهم وكان الشك متمحّضا في الدخل التعبّدي كان الإطلاق نافيا له ، إذ لو كان ذلك المشكوك فيه دخيلا في ترتب الأثر على المعاملة شرعا لزم التنبيه عليه لئلّا يكون عدم بيانه مخلّا بالغرض.
إذا اتّضح ما قدّمناه قلنا في تقريب الوجهين المشار إليهما في المتن :
الوجه الأوّل : أن يحمل «البيع» الوارد في الخطابات الشرعية على المنشإ ـ أي المسبّب ـ كالملكية والانتقال المترتبين على الإنشاء ، فالممضى هو الملكية العقلائية الحاصلة بالعقد القولي أو الفعلي. وعلى هذا فليس المراد بالبيع طبيعيّ النقل المؤثّر حتى يكون نظر العرف والشرع طريقا إليه ومصداقا له ، بل المراد خصوص المؤثّر بنظر العرف ، فمفاد آية حل البيع هو : أنه تعالى أمضى كلّ ملكية حاصلة بالعقد المؤثّر في الانتقال بنظر العرف ، ومن المعلوم أنّ هذا خطاب انحلالي يعمّ جميع المصاديق العرفية.
فمقتضى عموم الإمضاء مشروعية بيع المنابذة والملامسة والغرر والخمر والخنزير والبيع الربوي وبيع الكالي بالكالي وغير ذلك من البيوع الفاسدة الشرعية. ويتوقف الحكم