بالعين (١)
______________________________________________________
هذا منشأ استظهار المصنف قدسسره اختصاص المعوّض بالعين ، وقد ظهرت المسامحة في تعريف المصباح ، حيث أطلق كلمة «المال» ولم يقيّده ـ في جانب المعوّض ـ بالعين.
(١) قد تطلق «العين» ويراد بها ما يقابل الكلّي ، أي الأعيان الخارجيّة ، وقد تطلق ويراد بها ما يقابل المنفعة والحق ، والمراد بها هنا المعنى الثاني ، سواء أكانت موجودة بالفعل أم ممّا يمكن أن يوجد في المستقبل ، فالعين في المقام هي ما إذا وجدت خارجا كانت جسما ، وفي قبالها المنفعة التي هي عرض قائم بالعين ، وحيثيّة فيها توجب بذل المال بإزائها كسكنى الدار وخياطة الثوب وبناء الدار ونحوها.
والدليل على عموم «العين» للشخصية والكلية وعدم اختصاصها بالجزئيات الخارجية هو تسالمهم على جواز كون المبيع كلّيا في موارد :
الأوّل : بيع الكلّي في المعيّن ، كصاع من صيعان صبرة الحنطة بدينار ، فإنّ الصاع منتشر في الصّبرة ، ويتعيّن بعد البيع في مقام الوفاء بالعقد.
الثاني : بيع الكلّي المشاع ، كبيع نصف الدار بمائة دينار ، إذ لا تعيّن للنصف قبل الإفراز والتقسيم ، ويتعيّن بالتقسيم.
الثالث : بيع الكلّي الذّمي ، وهو على أنحاء ، فتارة يكون المبيع كلّيا ثابتا في ذمة غير البائع ، كما إذا كان زيد مالكا لمنّ من الحنطة في ذمة عمرو ، فيبيعه زيد من بكر ، فتشتغل ذمة عمرو لبكر بعد ما كانت مشغولة لزيد. وأخرى يثبت الكلي في ذمة البائع ، إمّا بأن يسلّم المبيع حالّا ، كم إذا باع زيد منّا من الحنطة ، الموصوفة بكذا من عمرو ، ويسلّمه بعد العقد. وإمّا بأن يسلّم المبيع بعد مضيّ زمان ، كما هو الحال في بيع السلف ، كما إذا باع زيد في ذمة نفسه منّا من الحنطة على أن يسلّمها بعد ستة أشهر مثلا.
وصحة البيع في هذه الموارد كاشفة عن عدم اعتبار كون المبيع عينا خارجية متشخصة ، بل يكفي وجودها في المستقبل ، ولو وجد كان عينا لا عرضا لعين.