وحقّق (١) ذلك في شرحه على القواعد وتعليقه على الإرشاد بما لا مزيد عليه.
لكنّ بعض المعاصرين (٢) لمّا استبعد هذا الوجه التجأ إلى جعل محل النزاع هي المعاطاة المقصود بها مجرّد الإباحة ، ورجّح بقاء الإباحة في كلامهم على ظاهرها المقابل للملك ، ونزّل مورد حكم قدماء الأصحاب بالإباحة على هذا الوجه (٣) ، وطعن على من جعل محلّ النزاع في المعاطاة بقصد التمليك ، قائلا : «إنّ القول بالإباحة الخالية عن الملك مع قصد الملك ممّا لا ينسب إلى أصاغر الطلبة فضلا عن أعاظم الأصحاب وكبرائهم» (١) (*).
______________________________________________________
(١) معطوف على «نزّل».
(٢) هو صاحب الجواهر قدسسره ووجه استبعاده هو : أنّ إرادة الملك من الإباحة ـ بعد نفي حصول الملك بالمعاطاة ـ في غاية البعد ، بل غير صحيحة كما سيظهر من جملة من الكلمات المذكورة في المتن ، مثل قول الشيخ في الخلاف : «فيتصرف كل منهما فيما أخذه تصرفا مباحا من دون أن يكون ملكه .. إلخ». ونحوه كلام غيره. ولذا أبقى صاحب الجواهر قدسسره «الإباحة» المذكورة في كلامهم على حالها ، ونزّل مورد حكم القدماء بالإباحة على المعاطاة المقصود بها الإباحة ، لا التمليك.
(٣) أي : الإباحة المقابلة للملك ، لا المترتبة عليه.
__________________
(*) لكن في حاشية العلامة الشهيديّ قدسسره : أن صاحب الجواهر قدسسره لم يجعل مورد نزاع العامة والخاصة المعاطاة المقصود بها الإباحة ، فجعل هذه النسبة إليه اشتباه ، إذ من الأقوال كون المعاطاة بيعا مفيدا للملك اللازم كما عن المفيد وبعض العامة ولا سبيل إلى ذلك ، إذ لا وجه لكون ما قصد به الإباحة لا التمليك بيعا ، لأنّ قصد التمليك مقوّم للبيع العرفي. وهذا مما لا يمكن صدوره عن مثل صاحب الجواهر قدسسره.
بل غرضه بيان أنّ مورد حكمهم بإفادة المعاطاة للإباحة ليس عين مورد حكمهم بإفادة المعاطاة للملك ، وأنّ الإباحة إنّما يكون موردها المعاطاة التي قصد بها الإباحة ،
__________________
(١) جواهر الكلام ، ج ٢٢ ، ص ٢٢٤ و ٢٢٥.