في كلام أحد منهم ما يقبل الحمل على هذا المعنى (١).
ولننقل أوّلا كلمات جماعة ممّن ظفرنا على كلماتهم ليظهر منه بعد تنزيل الإباحة على الملك المتزلزل كما صنعه المحقق الكركي ، وأبعديّة جعل محلّ الكلام في كلمات قدمائنا الأعلام ما لو قصد المتعاطيان مجرّد إباحة التصرفات دون التمليك (٢) ، فنقول وبالله التوفيق :
قال في الخلاف : «إذا دفع قطعة إلى البقلي أو الشارب فقال : أعطني بها بقلا أو ماء فأعطاه ، فإنّه لا يكون بيعا ، وكذلك سائر المحقّرات ، وإنّما يكون إباحة له ، فيتصرّف كل منهما فيما أخذه تصرّفا مباحا من دون أن يكون ملكه. وفائدة ذلك أنّ البقلي إذا أراد أن يسترجع البقل ، أو أراد صاحب القطعة أن يسترجع قطعته
______________________________________________________
(١) أي : كون مورد كلامهم صورة المعاطاة المقصود بها الإباحة.
(٢) كما صنعه صاحب الجواهر قدسسره.
__________________
على القبول ، وغيره مما يعتبر في البيع ـ : «فإذا ثبت هذا فكلّ ما جرى بين الناس إنّما هي استباحات وتراض ، من دون أن يكون ذلك بيعا منعقدا. مثل : أن يعطي درهما للخبّاز فيعطيه الخبز ، أو قطعة للبقلي فيناوله البقل ، وما أشبه ذلك. ولو أنّ كلّا منهما يرجع فيما أعطاه كان له ذلك ، لأنّه ليس بعقد صحيح هو بيع» (١) فإنّ ظاهر الاستباحة هو قصد الإباحة ، كما ذكره صاحب الجواهر قدسسره (٢).
إلّا أن يقال : ان قوله : «لانه ليس بعقد صحيح هو بيع» قرينة على إرادة البيع الشرعي المتقدم بالصيغة ، لا العرفي. ومن المعلوم أنّ هذا التعليل إنّما يصح فيما إذا كان المتعاطيان قاصدين للتمليك ، وإلّا كان اللازم التعليل بعدم قصد الملك ، لأنّ عدم المقتضي أولى من الشرط في استناد العدم إليه.
__________________
(١) المبسوط في فقه الإماميّة ، ج ٢ ، ص ٨٧.
(٢) جواهر الكلام ، ج ٢٢ ، ص ٢١٥.