وأيضا : فتمسّكه (١) بأنّ العقد حكم شرعي يدلّ على عدم انتفاء قصد البيعيّة ، وإلّا (٢) لكان الأولى بل المتعيّن التعليل به (٣) ، إذ مع انتفاء حقيقة البيع لغة وعرفا لا معنى للتمسّك بتوقيفيّة الأسباب الشرعية كما لا يخفى.
وقال في السرائر ـ بعد ذكر اعتبار الإيجاب والقبول ، واعتبار تقدم الأوّل على الثاني ـ ما لفظه : «فإذا دفع قطعة إلى البقليّ أو إلى الشارب فقال : أعطني ، فإنّه لا يكون بيعا (٤) ولا عقدا (٥) ، لأنّ الإيجاب والقبول (٦) ما حصلا. وكذلك سائر المحقّرات وسائر الأشياء محقّرا كان أو غير محقّر من الثياب والحيوان ، أو غير ذلك ، وإنّما يكون إباحة له ، فيتصرّف كلّ منهما فيما أخذه تصرفا مباحا ، من غير أن يكون ملكه (٧) ، أو دخل (٨) في ملكه. ولكلّ منهما أن يرجع فيما بذله ، لأنّ الملك لم يحصل لهما.
______________________________________________________
(١) يعني : وكذا يدلّ تمسّك شيخ الطائفة ب «أن العقد حكم شرعي» على وجود قصد التمليك ، وكان المانع عن حصوله انتفاء الصيغة الخاصة.
(٢) أي : وإن لم يقصد المتعاطيان التمليك كان اللازم إسناد عدم الملك إلى عدم مقتضية وهو القصد ، لا إلى عدم شرطه وهو العقد الذي هو سبب شرعي لترتيب آثار الملك.
(٣) أي : بانتفاء قصد البيعية أي بانتفاء المقتضي للملك.
(٤) حتى يشمله إطلاق قوله تعالى (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) كي يكون التعاطي مفيدا للملك.
(٥) حتى يكون كالعقد اللفظي مفيدا للملك بمقتضى عموم قوله تعالى (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ).
(٦) أي : اللفظيّين. وكذا في قول المسالك : «وإن لم يوجد الإيجاب والقبول» فلو كان المفقود قصد التمليك كان التعليل به أولى ، لأنّ التعليل بعدم المقتضي أولى منه بعد الشرط.
(٧) أي : بنفس التعاطي.
(٨) أي : بما يوجب الملك بعده كالتلف ، وذلك بقرينة جملة لم يذكرها المصنف ، بعد قوله : ـ فيما بذله ـ وهي : «بشرط إن بقيا ، فإن لم يبق أحدهما بحاله كما كان أوّلا فلا خيار لأحدهما»