ثم إنّك (١) قد عرفت ظهور أكثر العبارات المتقدمة في عدم حصول الملك ، بل صراحة بعضها كالخلاف والسرائر والقواعد.
ومع ذلك (٢) كلّه فقد قال المحقق الثاني في جامع المقاصد : «انّهم أرادوا بالإباحة الملك المتزلزل».
فقال : «المعروف بين الأصحاب أنّ المعاطاة بيع وإن لم يكن كالعقد في اللزوم ، خلافا لظاهر عبارة المفيد (٣) ، ولا يقول أحد بأنّها بيع فاسد سوى المصنف في النهاية ، وقد رجع عنه في كتبه المتأخرة. وقوله تعالى (إِلّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ) عام (٤) إلّا ما أخرجه الدليل. وما (٥) يوجد في عبارة جمع من متأخري الأصحاب ـ من أنّها تفيد الإباحة وتلزم بذهاب إحدى العينين ـ يريدون به عدم اللزوم في أوّل الأمر ، وبالذهاب يتحقق اللزوم ، لامتناع (٦) إرادة الإباحة المجرّدة من أصل الملك إذ (٧) المقصود للمتعاطيين الملك ، فإذا لم يحصل كان بيعا فاسدا ،
______________________________________________________
(١) بعد أن استوفى المصنف قدسسره مقصوده من نقل كلمات الفقهاء في تحرير محلّ النزاع ، وأنّ مرادهم قصد الملك ، ويترتب عليه الإباحة تعبدا ، تعرّض لجملة مما أفاده المحقق الكركي قدسسره في وجه حمل الإباحة على الملك الجائز ، وسيورد المصنف عليه بإباء عبارات الأصحاب عن هذا الحمل.
(٢) أي : مع صراحة بعضها ، وظهور بعضها الآخر.
(٣) قد تقدمت عبارة المفيد التي استفيد منها كون المعاطاة بيعا لازما كالبيع القولي.
(٤) يعني : أنّ الآية المباركة ـ التي هي من أدلة إمضاء البيع ـ قد أخذت التجارة فيها موضوعا للنفوذ والصحة ، ومن المعلوم شمول «التجارة» لكلّ من القول والفعل ، ولا تختص بالمعاملة اللفظية.
(٥) من هنا أخذ المحقق الكركي في التصرف في «الإباحة» الواردة في كلمات القوم بحملها على الملك الجائز.
(٦) تعليل لقوله : «يريدون ..» والمعنى واضح.
(٧) تعليل لامتناع إرادة الإباحة العارية عن الملك ، ومحصله : أنّ قاعدة «تبعية العقود