ولا يرد عليهم (١) عدا ما ذكره المحقق المتقدم في عبارته المتقدمة (٢) وحاصله (٣) : أن المقصود هو الملك ، فإذا لم يحصل فلا منشأ لإباحة التصرف ،
______________________________________________________
(١) هذا هو المطلب الثاني ، وهو تقوية كلام المحقق الثاني في الإيراد على المشهور ، الذي دعاه الى حمل الإباحة ـ في كلامهم ـ على الملك الجائز.
(٢) وهو قول المحقق الكركي : «إذ المقصود للمتعاطيين إنما هو الملك لا الإباحة».
(٣) أي : حاصل ما ذكره المحقق الكركي : أنّ المقصود هو الملك ، فإذا لم يحصل لزم عدم تأثير المعاطاة أصلا ، لكونها عقدا فاسدا ، فلا منشأ للإباحة.
ثم إنّ هذا بيان المطلب الثاني المشار إليه آنفا ، وهو الانتصار للمحقق الثاني في الاعتراض على المشهور ، وهو يتضمن أمرين ، أحدهما : المناقشة في ترتب الإباحة على المعاطاة ، وثانيهما : تأييد المناقشة بالاستناد إلى إطلاق كلامهم.
أمّا أصل المناقشة فبيانها : أنّ الإباحة التي ادّعاها المشهور إمّا مالكية وإمّا تعبدية.
فإن أرادوا ترتب الإباحة المالكية على المعاطاة اتّجه عليهم : أنّه لا ريب في انتفائها ، إذ مفروض الكلام قصد المتعاطيين للملك لا الإباحة المحضة ، ومن المعلوم إناطتها بالقصد كالملك.
وإن أرادوا ترتّب الإباحة التعبدية اتجه عليهم أوّلا : أنّ هذه الإباحة حكم شرعي يتوقف إسناده إلى الشارع على حجة شرعية ، والمفروض خلوّ كلمات الأصحاب عن الاستناد إلى نصّ يدلّ على ترتب الإباحة على المعاطاة المقصود بها التمليك.
وثانيا : لا ريب في أنّ قاعدة «العقود تابعة للقصود» من القواعد الفقهية المسلّمة بينهم ، ومقتضى هذه التبعية عدم وقوع ما لم يقصده المتعاقدان ، وعليه يستبعد جدّا أن يلغي الشارع التمليك الذي قصده المتعاطيان ، وأن يحكم بحصول الإباحة المحضة غير المقصودة.
هذا مضافا إلى : منع أصل النسبة ، إذ لم يثبت التزام المشهور بترتب الإباحة الشرعية على المعاطاة المقصود بها التمليك ، فإنّ التأمل في كلماتهم يعطي ترتب الإباحة المالكية لا التعبدية ، لقولهم «برضى المتعاطيين بتصرف كلّ منهما فيما يأخذه من الآخر بالمعاطاة» ومن المعلوم