.................................................................................................
__________________
فتلخص من جميع ما ذكرنا : صحة الاستدلال بقوله تعالى (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) على كون المعاطاة مفيدة للملك ، سواء أريد بالحل التكليفي أم الوضعي.
أمّا على الأوّل فلاستلزام حلّ المعاملة الخاصة البيعية تكليفا لحلّها وضعا ، إمّا للامتنان ، وإمّا لعدم احتياج الحلّ التكليفي المجرّد عن الوضعي إلى البيان ، لوضوحه وعدم توهّم حرمته غاية الأمر أنّ دلالته على الحلّ الوضعي بناء على هذا تكون التزامية لا مطابقية.
وأمّا على الثاني ـ كما هو الأصح ـ فلكون متعلق الحلّ أوّلا وبالذات نفس البيع ، فدلالته على نفوذ البيع ومملّكيته تكون بالمطابقة ، فلا يتوقف الاستدلال بالآية المباركة على تجوز أو تقدير ليكون متعلق الحلّ التصرفات.
ثم إنه قد أورد على المصنف قدسسره بوجوه عديدة ، اثنان منها راجعان الى منع دلالة الآية الشريفة التزاما على إفادة البيع للملكيّة ، وواحد منها راجع الى كون المعاطاة بيعا ، وهي :
الأوّل : أن حلية التصرفات تكليفا لا تدلّ على الملكية بالدلالة الالتزامية ، إذ لا ملازمة بينهما لا عقلا ولا شرعا. أمّا الأوّل فواضح ، وأمّا الثاني فلأنّ جواز التصرف في أموال الناس في حال الضرورة والمجاعة مسلّم عندهم ، من غير أن يكون ذلك ملكا للمتصرّف. نعم التصرفات المنوطة بالملك تكشف عن حصوله آنا مّا قبل التصرف جمعا بين الأدلة. فالاستدلال بالآية الشريفة ـ بناء على كون مدلولها المطابقي حلية التصرفات تكليفا ـ على تحقق الملكية من حين التعاطي في غير محلّه ، لعدم الملازمة بين الملكية وإباحة التصرّفات ، هذا.
لكن يمكن دفعه بأنّ المراد التصرفات التي يرتّبها العقلاء على بيوعهم. ومن المعلوم أنّ المتداول بينهم هي التصرفات المالكية ، بمعنى : أنّ العرف يرى استناد تصرفات المشتري في المبيع الى مالكيّته له ، لا إلى إباحة المالك أو الشارع له ، وإباحة هذه التصرفات ـ لا محالة ـ تدل التزاما على ملكية المبيع للمشتري والثمن للبائع.
وهذا بخلاف التصرفات المباحة من جهة الضرورة ، فإنّ الضرورات تتقدر بقدرها. ومن المعلوم ارتفاع الضرورة بمجرّد الإباحة في التصرف كالأكل ، فلا موجب للالتزام بالملكية كما لا يخفى.