منها : أنّ العقود (١) وما قام مقامها لا تتبع القصود.
______________________________________________________
ثم إنّ هنا أمورا ينبغي التنبيه عليها :
الأوّل : أنّ أصول استبعادات كاشف الغطاء قدسسره ثمانية ، وان انحلّ بعضها الى استبعادين أو أكثر كما سننبّه عليه إن شاء الله تعالى.
الثاني : أنّ جملة من هذه الاستبعادات قد نبّه عليها المحقّق الثاني قدسسره الذي التجأ إلى تأويل القول بالإباحة إلى الملك المتزلزل. ولكنّه قدسسره لم يذكرها بهذا الترتيب والبسط كما صنعه الشيخ الفقيه كاشف الغطاء قدسسره.
الثالث : أن هذه الاستبعادات تدور بين ترتيب آثار الملك على غير الملك ، وبين كون التلف والتصرف مملّكا ـ عند التلف أو التصرف ، من دون ربط له بالإباحة بما هي. وعليه ينبغي أن يضاف إلى قوله : «التمليك والبيع» : وحصول الملكية قبل التلف أو التصرف.
القاعدة الاولى : عدم تبعية العقود للقصود
(١) هذا هو الاستبعاد الأوّل ، أي : القاعدة الجديدة التي لا بدّ من تأسيسها لو قلنا بإفادة المعاطاة ـ المقصود بها الملك ـ للإباحة المحضة ، وحصول الملكية آنا ما قبل التصرف المملّك. وتوضيحه : أنّ العناوين الاعتبارية كالملكية والزوجية والحرية والبينونة لا تترتب على أسبابها ـ من الإنشاء اللفظي والفعلي ـ قهرا ، بل يناط ترتبها بقصد ذلك العنوان الإنشائي ، ولذلك أسّس الفقهاء «رضوان الله عليهم» قاعدة «أنّ العقود تابعة للقصود». وهذه الجملة تتكفل عقدين ، أحدهما : إيجابي ، وهو لزوم وقوع ما يقصده المتعاقدان. والآخر سلبي وهو عدم وقوع ما لا يقصدانه.
وعلى هذا فلو ترتّبت الإباحة المحضة على المعاطاة المقصود بها الملك لزم مخالفة كلا العقدين ، ولا بدّ من تأسيس قاعدة جديدة ، وهي : «أنّ العقود لا يلزم متابعتها للقصود» إذ المقصود هو الملك ولم يحصل ، والحاصل وهو الإباحة لم يكن مقصودا. ولا سبيل للفقيه أن يلتزم بهذه القاعدة الجديدة. ويتوقف إنكارها على القول بإفادة المعاطاة للملك من حين انعقادها.