ومنها (١) جعل التلف السماوي (٢) من جانب مملّكا للجانب الآخر (٣).
والتلف (٤) من الجانبين مع التفريط معيّنا للمسمّى
______________________________________________________
القاعدة الخامسة : ترتب آثار غير معهودة على التلف
(١) أي : ومن القواعد الجديدة التي لا بدّ من تأسيسها بناء على القول بالإباحة ، وهذا الاستبعاد الخامس يتضمن قواعد أربعة تتعلق بتلف إحدى العينين أو كلتيهما.
الاولى : أنّ المشهور قالوا : «إذا تلفت إحدى العينين لزمت» والتلف الملزم أعم من الاختياري كالأكل والشرب ونحوهما من التصرفات الخارجية والاعتباريّة ، والقهري وهو ما لم يكن بإرادة الإنسان كالسيل والصاعقة والزلزال وشبهها من أنواع البلاء ، المعبّر عنها بالتلف السماوي.
ووجه الغرابة : أنّ تلف المال قهرا عند أحد المتعاطيين كيف يوجب دخول المال الآخر في ملك المتعاطي الآخر قهرا؟ فإنّ مملّكية هذا التلف السماوي أكثر مئونة من مملّكية تصرف أحدهما للآخر ، إذ التصرف فعل اختياري قد يتيسّر توجيه مملّكيته ، وأمّا التلف القهري فلا.
هذا وسيأتي بيان القواعد الثلاث الأخر التي تضمنها هذا الاستبعاد الخامس.
(٢) التقييد بالسماوي في قبال الإتلاف الأناسي فإنّه تصرّف في المال ، ويندرج في الاستبعاد الرابع ، وهو غرابة مملّكية التصرف.
(٣) فيلزم أن يكون أكل الهرّة مثلا للحم المأخوذ بالمعاطاة مملّكا للثمن الذي أخذه الآخر بالمعاطاة. ومن المعلوم أن كون التلف مملّكا وناقلا في غاية البعد. وأمّا بناء على إفادة المعاطاة للملك فلا يلزم هذا المحذور أصلا.
(٤) معطوف على «التلف» وهذا إشارة إلى القاعدة الثانية التي ينبغي تأسيسها ، وبيانها : أنّ مقتضى تأثير المعاطاة في خصوص الإباحة هو : أنّ العينين باقيتان على ملك مالكيهما ، وهما أمانتان عند المتعاطيين ، ومن المعلوم أنّ إتلاف الأمانة والتفريط في حفظها يوجب ضمان بدلها الواقعي من المثل أو القيمة ، لاقتضاء قاعدة «على اليد ما أخذت حتى تؤدّيه» اشتغال الذمة بالبدل الواقعي ، لا بالمسمّى ، فإنّه مخصوص بالمعاوضة الصحيحة ، كما إذا باع زيد كتابا بدينار من عمرو ، وكانت قيمته الواقعية دينارين ، فتبيّن غبن زيد بدينار ، فإذا أتلف كلّ منهما