بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين ، ولعنة الله على أعدائهم إلى يوم الدين.
كتاب البيع (١)
______________________________________________________
(١) الذي هو من كتب ثاني الأقسام الأربعة المنقسم إليها الفقه الشريف ، ولعلّ التعرض له دون غيره من سائر العقود المعاوضية لأجل كثرة الابتلاء به ودورانه بين الناس ، ووقوع أكثر المعاوضات والمبادلات المالية به.
وكيف كان فلا بأس قبل الخوض في تعريف البيع بتقديم أمور :
الأوّل : أنّ العقد عبارة عن الربط الخاص الحاصل بين التزامين ، مثلا إذا قال أحد المتعاقدين : «بعت كتابي بدينار» وقال الآخر : «قبلت» فهنا أمور ثلاثة :
أحدها : التزام كل منهما بمبادلة الكتاب بالدينار اعتبارا ، وهذان الالتزامان قائمان بهما ، وكلّ منهما أمر خارجي حقيقي يتعلق به الإرادة تارة والكراهة أخرى ، ويكون الالتزام الأوّل إحداثا ، والثاني إمضاء ، نظير الإعطاء والأخذ ، والإقباض والقبض ، فالالتزام الثاني منفعل بالالتزام الأوّل ، والأوّل فاعل له. وهذا الربط الخاص بين الالتزامين يسمّى عقدا ، فلو لم يكن هذا الربط الخاص بين التزامين كما إذا التزم أحدهما ببيع الكتاب بدينار ، والتزم الآخر بشراء دفتر بدرهم لم يكن ذلك عقدا ، لعدم الربط بينهما ، بل كل منهما أجنبي عن صاحبه.
وبالجملة : فالعقد هو الربط الخاص المتحقق بين التزامين ، لا الإيجاب والقبول ، لأنّهما