ويمكن الاستدلال أيضا (١) بقوله تعالى (لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ) (١).
______________________________________________________
الدليل الرابع : حرمة أكل المال إلّا بالتجارة عن تراض
(١) يعني : كما أمكن الاستدلال بما مضى من حديثي السلطنة والحلّ. وكان الأنسب تقديم الاستدلال بهذه الآية المباركة ـ وآية وجوب الوفاء بالعقود ـ على الاستدلال بالحديثين الشريفين.
__________________
المقدمة الثانية : أنّ التصرف أعمّ من الخارجي والاعتباري بحكم التبادر.
المقدمة الثالثة : كون الحذف أمارة على كون المقدّر عامّا ، بل قد عرفت عدم الحاجة إلى التقدير وكفاية الادّعاء في صحة الاستدلال ، وإرادة جميع التحولات في الذات وإن لم تسمّى تصرفا ، إذ لا يصح إطلاق عدم حلية الذات إلّا بملاحظة كون المنفي جميع الشؤون والتحولات.
وربما يشهد به مورد الرواية وهو حبس الأمانة وعدم ردّها ، إذ ليس الحبس تصرّفا محسوسا كالأكل والشرب ، فلو كان المراد خصوص التصرفات الحسّيّة لم تنطبق الكبرى الكلية على المورد ، وهو حبس الأمانة ، واستهجانه غير خفي.
وأمّا عطف حرمة المال فيها على حرمة دم المسلم فليس قرينة على تعيّن إرادة الحرمة التكليفيّة فيه من جهة عدم تصوّر حرمة الدم وضعا. ووجه عدم القرينية ما ذكرناه من أعمية الحلية من التكليف والوضع.
ولو سلّمت قرينيّتها عليها لم يقدح في الاستدلال ، لما تقدم أيضا من اقتضاء حرمة مطلق التصرف في مال الغير ـ بدلالتها الالتزامية ـ على عدم تملّكه بالفسخ.
فالمتحصل : أنّ الاستدلال بالموثقة وما بمضمونها ـ على فرض اعتباره ـ على أصالة اللزوم في الملك وجيه كما اختاره المصنف قدسسره.
__________________
(١) النساء ، الآية : ٢٩.