فلا يجوز (١) أكل المال.
والتوهم المتقدم في السابق (٢) غير جار هنا ، لأنّ (٣) (*) حصر مجوّز أكل المال
______________________________________________________
لفرض عدم رضا المتعاطي الآخر به ، وإلّا كان إقالة من الطرفين.
(١) يعني : فلا يجوز لأحد المتعاطيين أن يتصرف فيما أعطاه للآخر ، لأنّ تصرّفه فيه أكل لمال غيره بالباطل.
(٢) يعني : في تقريب الاستدلال بحديثي السلطنة وعدم حلّ مال غيره إلّا بطيب نفسه. والتوهّم المزبور هناك هو : أنّ التمسك بهما من التمسّك بالدليل في الشبهة المصداقيّة ، ضرورة أنّه بعد رجوع المالك الأصليّ يشكّ في كون المال ملكا للغير ، لاحتمال رجوع المال إليه ، فلا يكون أكله حينئذ أكلا لمال غيره ، بل لمال نفسه. ومع هذا الشك لا تحرز الإضافة التي هي موضوع السلطنة وحرمة التصرّف ، فيكون التمسّك بالدليل تشبّثا به في الشبهة الموضوعية.
(٣) تعليل لعدم جريان التوهّم المزبور ، وحاصل وجه عدم جريانه هنا هو : أنّ المستفاد من الآية حصر سبب تملّك أموال الناس في التجارة عن تراض ، بحيث يكون تصرف الآكل فيه تصرفا في ماله لا في مال غيره ، ومن المعلوم أنّ هذا الحصر ينفي سببيّة رجوع المالك الأصلي بتملّكه ، لعدم كون رجوعه تجارة عن تراض ، بل من الأسباب الباطلة ، فهذه الآية الشريفة نصّ في عدم كون رجوع المالك مملّكا ، لعدم اندراج الرجوع في «التجارة عن تراض» وكلّ ما لم يكن كذلك يعدّ من الأسباب الباطلة.
وبالجملة : فمفاد الآية الشريفة هو : أنّه لا يجوز للإنسان أن يأكل مالا على أنّه ماله ، وهو مال لغيره واقعا ، إلّا إذا كان بسبب التجارة عن تراض. وليس مفادها عدم جواز تصرفه في مال الغير حتى يقال : إنّه بعد رجوع المالك يشكّ في أنّه مال الغير ، فلا يصح التمسك بالآية ، لكونه من التشبث بالدليل في الشبهة المصداقية.
__________________
(١) هذا التقريب ـ كما عرفت ـ ناظر إلى سلب سببية الباطل للتملك.
ويمكن أن يقرّب على وجه آخر ، وهو : أنّ النهي عن الأكل ناظر إلى حرمة الأكل ابتداء ،