في التجارة إنّما يراد به أكله على أن يكون ملكا للآكل (١) لا لغيره.
ويمكن التمسّك أيضا بالجملة المستثنى منها (٢) ، حيث إنّ أكل المال
______________________________________________________
(١) يستفاد هذا القيد في المستثنى منه بقرينة المقابلة للمستثنى ، بداهة أنّ المترتب على المستثنى هو الأكل بعنوان كون المال ملكا للآكل ، لأنّ أثر التجارة عن تراض التي هي سبب شرعي للنقل والتمليك هو كون المتصرّف ـ بعد وقوع هذه التجارة ـ مالكا للمال ، وقرينة المقابلة تقتضي كون المأكول في المستثنى منه أيضا ـ بعنوان كونه ملكا لذي اليد ، وعدم جواز أخذه منه.
وعلى هذا فلا يرد عليه التخصيص بمثل الضيافة وغيرها مما يجوز الأكل فيه بدون تجارة عن تراض ، لأنّ خروجها بناء على هذا المعنى موضوعي ، إذ المفروض أنّ المالك أجاز للآكل أن يتصرف فيه.
نعم يرد عليه التخصيص بالإرث ونحوه ، كانتقال مال المرتد الفطري إلى وارثه بالارتداد ، فإنّ الوارث يتصرف في المال على أنّه مال الآكل مع عدم كون السبب المحلّل تجارة عن تراض.
الدليل الخامس : حرمة الأكل بالباطل
(٢) يعني : مع الغضّ عن الاستثناء ، بخلاف التقريب الأوّل الذي كان تمسّكا بمجموع جملتي المستثنى منه والاستثناء.
ومحصّل تقريب الاستدلال بالوجه الثاني : أعني به جملة المستثنى منها ـ مع قطع النظر
__________________
وإلى بطلان السبب ثانيا ، فدلالته على حرمة الأكل مطابقية ، وعلى بطلان السبب الذي ينشأ منه الأكل التزاميّة ، حيث إنّ النهي يدلّ مطابقة على حرمة الأكل ، والتزاما على بطلان سببها ، إذ لا منشأ لحرمة الأكل إلّا بطلان منشأها وسببها ، فيعلم من حرمة الأكل عدم صحة سببه وكونه من الباطل ، فحرمة الأكل تكشف عن كون الفسخ والتّرادّ سببا باطلا عرفا وغير نافذ شرعا.
والفرق بين التقريبين واضح ، لأنّ الأوّل مدلول مطابقي ، والثاني التزامي.