.................................................................................................
__________________
فالظاهر أنّ الآية الشريفة وزانها وزان حديث السلطنة ، فكما لا مانع من التمسّك به لعدم نفوذ رجوع المالك الأصلي ، فكذلك لا مانع من التمسك بهذه الآية لذلك. فالفرق بينهما «بالتخصّص في الآية ، فلا يجوز التمسك بها ، والتخصيص في حديث السلطنة فيجوز ذلك فيه» لا يخلو من غموض.
مع أنّه بعد تسليم كون المراد بالباطل هو الشرعي يمكن التمسك بالآية أيضا بمقتضى الإطلاق المقامي ، بأن يقال : إنّ المقصود بالباطل وإن كان شرعيا ، لكن تمييزه منوط بنظر العرف ، فكلّما كان باطلا عرفا فهو باطل شرعا إلّا ما ثبت خروجه.
ثم إن المحقق الايرواني قدسسره ناقش في الاستدلال بالآية المباركة بأنّ الاستدلال بها إنّما يصح إذا قلنا إن الفسخ والرجوع من الأسباب المفيدة للملك. أمّا إذا قلنا بأنّ شأنهما رفع أثر السبب المملّك ، ثم الملك يكون حاصلا بما كان من السبب أوّلا ، لم يكن الأكل بسبب الفسخ أكلا بالباطل (١).
لكن لا يخفى ما فيه ، لأنّ هذه المناقشة إنّما تتجه بناء على دلالة الآية على حرمة الأكل إن حصل المال بسبب باطل مستقل. لكنه ليس كذلك ، لظهورها في إبقاء تأثير الباطل مطلقا وإن كان جزء العلة ، فإنّ تأثير الفسخ في دفع المانع عن تأثير السبب الأوّل أكل للمال بالباطل ولو بنحو جزء العلة.
والحاصل : إنّ التسبب بالباطل لأكل مال الناس ـ ولو بنحو دفع المانع ـ حرام ولو بمناسبة الحكم والموضوع ، إذ المناسب للباطل هو عدم دخله في سببيّته للنقل والتمليك حتى بنحو جزء السبب أو الشرط أو عدم المانع.
فتحصّل مما ذكرناه : أنه يمكن التمسك تارة بالمستثنى منه مع الغض عن الاستثناء بما تقدّم من التقريبين ، أحدهما : سلب سببية الباطل للنقل والتمليك.
والآخر : النهي عن أكل المال الحاصل بسبب باطل.
__________________
(١) حاشية المكاسب ، ج ١ ، ص ٨١.