وقد يستدلّ أيضا بعموم قوله تعالى (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ (١)) (١)
______________________________________________________
الدليل السابع : الأمر بالوفاء بالعقود
(١) هذه الآية الشريفة دليل سابع على أصالة اللزوم ، ونسب الفاضل النراقي قدسسره (٢) الى المشهور استدلالهم بها على لزوم كل عقد عرفي. ولم يتعرّض المصنف قدسسره هنا لتقريب دلالتها على المدّعى ، وإنّما أفاده في أدلة اللزوم في أوّل الخيارات ، فينبغي توضيح كلامه هنا وعدم الإحالة على بحث الخيارات مع ما بين المبحثين من الفصل الكثير ، فنقول وبه نستعين وبوليّه
__________________
وعمدة الوجه في عدم دلالتها على ذلك هو كون الوجوب حيثيّا ، بعد وضوح جعل الافتراق غاية لخصوص خيار المجلس ، فسلب الخيار حينئذ سلب الخاص ، فكيف يترتب عليه سلب العام وهو طبيعة الخيار؟ فلا إطلاق لوجوب البيع يقتضي لزومه على وجه الإطلاق بعد الافتراق.
فما في تقرير سيدنا الخويي قدسسره من «أنّ إطلاقها يقتضي اللزوم على وجه الإطلاق بعد التفرّق ، فلا موجب لصرفها إلى اللزوم من ناحية خيار المجلس» (٣) في غاية الغموض ، فلاحظ وتأمّل.
اللهم إلّا أن يقال : إنّ مقتضى إطلاق البيع الموضوع للخيار هو لزوم البيع بالافتراق ، سواء أكان بيعا فعليا أم قوليا ، فنفس هذا الإطلاق ينفي الفرد الجوازيّ للبيع.
وبعبارة أخرى : كأنّه قيل : كلّ فرد من أفراد البيع فيه الخيار ، ما لم يفترق المتبايعان ، فمع افتراقهما يجب البيع وجوبا مطلقا. غاية الأمر أنّ هذا الإطلاق يقيد بأدلة سائر الخيارات ، فإنّ سائر الخيارات ثابتة بأسبابها الخاصة. بخلاف خيار المجلس ، فإنّه ثابت للبيع أوّلا وبالذات ، ولذا أطلق الخيار فيه بقوله : «البيعان بالخيار» وأريد به أنّ الخيار الثابت لطبع البيع مع الغض عن خصوصية المبيع هو خيار المجلس فقط ، فلا ينافي ثبوت خيار الحيوان وغيره من الخيارات.
فدعوى دلالة أخبار خيار المجلس على لزوم البيع بسقوطه قريبة جدّا ، والله العالم.
__________________
(١) المائدة ، الآية : ١.
(٢) عوائد الأيّام ، ص ١.
(٣) مصباح الفقاهة ، ج ٢ ، ص ١٤٣.