إلى زمان بعض (١) متأخري المتأخرين ، فإن (٢) العبارة المحكيّة عن المفيد قدسسره في المقنعة لا تدلّ على هذا القول كما عن المختلف الاعتراف به (٣) ، فإنّ المحكي عنه أنه قال : «ينعقد البيع على تراض بين الاثنين فيما يملكان التبايع له إذا عرفاه جميعا وتراضيا بالبيع وتقابضا وافترقا بالأبدان» (١) انتهى.
______________________________________________________
ولا ينحصر القائل باللزوم في المحقق الأردبيلي وغيره ممن هو في طبقة متأخري المتأخرين.
قلت : الظاهر اتفاق القدماء على عدم اللزوم ، لعدم إحراز مخالفة الشيخ المفيد لهم ، إذ في عبارته احتمالان ، وليس كلامه صريحا ولا ظاهرا في اللزوم حتّى يعدّ مخالفا للمشهور.
(١) وهو المحقق الأردبيلي والكاشاني (٢) والمحدث الجزائري قدسسرهم قال جدّنا الأجل السيد الجزائري قدسسره في ذيل الكلام المتعلق بآية التجارة ـ على ما حكي عنه ـ ما لفظه : «واعلم أنّه يمكن أن يستفاد من ظاهر الآية حكمان ، أحدهما عدم توقف المبايعة ولزومها على العقد المصطلح بين فقهائنا من الإيجاب والقبول كميّة وكيفيّة ، لأنّه جعل مناط الصحة هو التراضي ، وهذا عن شيخنا المفيد طاب ثراه في تجويز بيع المعاطاة. وثانيهما : فساد بيع الفضولي ، لأنّه لم يقع عن تراض من أهل المال ، وإليه ذهب الشيخ رحمهالله في المبسوط. والمشهور بين علمائنا الجواز تعويلا على رواية عروة ، وذكر مضمون الرواية ، ثم قال : وفيه بعد تسليم الرواية جاز أن يكون ذلك لكون النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وكّله وكالة مطلقة» (٣) انتهى كلامه رفع مقامه.
والشاهد في قوله : «عدم توقف المبايعة ولزومها على العقد المصطلح بين الفقهاء» لصراحة هذا الكلام في إفادة المعاطاة ملكا لازما.
(٢) هذا دفع ما يتوهم من منافاة ما عن المفيد من اللزوم لقوله : «بل لم يوجد به قائل .. إلخ» وقد تقدم توضيحه بقولنا : «ان قلت .. قلت».
(٣) أي : الاعتراف بعدم الدلالة ، قال العلامة في المختلف : «ولا تكفي المعاطاة في العقد ،
__________________
(١) المقنعة ، ص ٥٩١.
(٢) مجمع الفائدة والبرهان ، ج ٨ ، ص ١٤٢ ، مفاتيح الشرائع ، ج ٣ ، ص ٤٨.
(٣) غاية المرام في شرح تهذيب الاحكام ، الجزء الثالث ، مخطوط.